وَلَا لَوْنُهَا وَلَا رِيحُهَا أَنْ لَا تَنْجُسَ فَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ: هَلْ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي نَجَاسَةَ الْمَاءِ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الدَّلِيلُ أَوْ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَالثَّانِي قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَفُقَهَاءُ الْحَدِيثِ مِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ هَذَا؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ هَذَا وَهُمْ أَهْلُ الْحِجَازِ وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأُصُولُ وَالنُّصُوصُ وَالْمَعْقُولُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَبَاحَ الطَّيِّبَاتِ وَحَرَّمَ الْخَبَائِثَ وَالطِّيبُ وَالْخُبْثُ بِاعْتِبَارِ صِفَاتٍ قَائِمَةٍ بِالشَّيْءِ فَمَا دَامَ عَلَى حَالِهِ فَهُوَ طَيِّبٌ فَلَا وَجْهَ لِتَحْرِيمِهِ؛ وَلِهَذَا لَوْ وَقَعَتْ قَطْرَةُ خَمْرٍ فِي جُبٍّ لَمْ يُجْلَدْ شَارِبُهُ. وَاَلَّذِينَ يُسَلِّمُونَ أَنَّ الْقِيَاسَ نَجَاسَةُ الْمَاءِ بِالْمُلَاقَاةِ فَرَّقُوا بَيْنَ مُلَاقَاتِهِ فِي الْإِزَالَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا بِفُرُوقِ. مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْمَاءُ هَاهُنَا وَارِدٌ عَلَى النَّجَاسَةِ وَهُنَاكَ وَرَدَتْ النَّجَاسَةُ عَلَيْهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّهُ لَوْ صُبَّ مَاءٌ فِي جُبٍّ نَجِسٍ يَنْجُسُ عِنْدَهُمْ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْمَاءُ إذَا كَانَ فِي مَوْرِدِ التَّطْهِيرِ لِإِزَالَةِ الْخَبَثِ أَوْ الْحَدَثِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ وَلَا الِاسْتِعْمَالِ إلَّا إذَا انْفَصَلَ وَأَمَّا قَبْلَ الِانْفِصَالِ فَلَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا وَلَا نَجِسًا. وَهَذَا حِكَايَةُ مَذْهَبٍ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute