يَغْسِلُ ذَلِكَ الْمَكَانَ ثُمَّ يُصَلِّي} رَوَاهُ البيهقي مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الأشجعي قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُخْطِئُ كَثِيرًا. وَقَالَ الدارقطني: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. وَالْفَرْقُ الْمَعْنَوِيُّ: أَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ مُتَعَدِّدَةٌ يَجِبُ فِيهَا التَّرْتِيبُ عِنْدَهُمْ: فَوَجَبَتْ فِيهَا الْمُوَالَاةُ وَالْبَدَنُ فِي الْغُسْلِ كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ: لَا يَجِبُ فِيهِ تَرْتِيبٌ فَلَا يَجِبُ فِيهِ مُوَالَاةٌ أَيْضًا؛ فَإِنَّ حُكْمَ الْوُضُوءِ يَتَعَدَّى مَحَلَّهُ؛ فَإِنَّهُ يَغْسِلُ أَرْبَعَةَ أَعْضَاءٍ فَيُطَهِّرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ وَأَمَّا الْجَنَابَةُ فَتُشْبِهُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ: لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ مَحَلَّهُ فَكُلَّمَا غَسَلَ شَيْئًا ارْتَفَعَ عَنْهُ الْجَنَابَةُ كَمَا تَرْتَفِعُ النَّجَاسَةُ عَنْ مَحَلِّ الْغُسْلِ فَإِذَا غَسَلَ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لَمْ يَرْتَفِعْ شَيْءٌ مِنْ الْحَدَثِ لَا عَنْهُ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِهِ. وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمُوَالَاةِ؛ فَإِنَّ وُجُوبَ الْمُوَالَاةِ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَقْوَى مِنْ وُجُوبِهَا فِي الِاثْنَيْنِ؛ بِخِلَافِ التَّرْتِيبِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا مُخْتَلِفَيْنِ؛ إذْ الْمُتَمَاثِلَاتُ - كَالطَّوَّافَاتِ وَالسَّعَيَاتِ - لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا تَرْتِيبٌ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ عِنْدَ أَحْمَد وَمَالِكٍ فِي الرَّكَعَاتِ بَلْ مَنْ نَسِيَ رُكْنًا مِنْ رَكْعَةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ: قَامَتْ مَقَامَهَا وَغُسْلُ الْجَنَابَةِ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ: الِاتِّصَالُ فِيهَا أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْوُضُوءِ وَهِيَ عِبَادَةٌ فِي نَفْسِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute