تُعْتَبَرُ لَهَا النِّيَّةُ؛ بِخِلَافِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ لَهَا النِّيَّةُ إلَّا فِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: الْتَزَمُوهُ فِي الْخِلَافِ الْجَدَلِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَلَيْسَ بِشَيْءِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمُوَالَاةُ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ. وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَصَرَ عَلَى اللُّمْعَةِ بَعْدَ جَفَافِهَا فِي الزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ وَأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ: فَالْفَرْقُ أَنَّ تَارِكَ اللُّمْعَةِ فِي الرِّجْلِ مُفَرِّطٌ بِخِلَافِ الْمُغْتَسِلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَإِنَّهُ لَا يَرَى بَدَنَهُ كَمَا يَرَى رِجْلَيْهِ فَاللُّمْعَةُ إذَا كَانَتْ فِي ظَهْرِهِ أَوْ حَيْثُ لَا يَرَاهُ وَلَا يُمْكِنُهُ مَسُّهُ كَانَ مَعْذُورًا فِي تَرْكِهَا فَلِهَذَا لَمْ تَجِبْ فِيهِ الْمُوَالَاةُ بِخِلَافِ مَا لَا يُعْذَرُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قِيلَ بِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِالْعُذْرِ لَتَوَجَّهَ. وَقَدْ يَخْرُجُ حَدِيثُ تَأْخِيرِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ عَنْ غَسْلِ الْوَجْهِ - وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ الْمَنْصُوصَتَيْنِ - عَلَى هَذَا وَأَنَّ تَارِكَهُمَا لَمْ يَعْلَمْ وُجُوبَهُمَا فَكَانَ مَعْذُورًا بِالتَّرْكِ فَلَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُعْذَرْ كَمُنَكِّسِ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ وَلَكِنَّ نَظِيرَهُ حَدِيثُ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ: إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الْوُضُوءَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَغَسَلَهُمَا فَقَطْ أَوْ مَنْ تَرَكَ غَسْلَ وَجْهِهِ أَوْ يَدَيْهِ لِجُرْحِ أَوْ مَرَضٍ وَغَسَلَ سَائِرَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ زَالَ الْعُذْرُ قَبْلَ انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ: فَهُنَا إذَا قِيلَ: يَغْسِلُ مَا تَرَكَ أَوَّلًا وَلَا يَضُرُّهُ تَرْكُ التَّرْتِيبِ: كَانَ مُتَوَجِّهًا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute