للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَلَوْ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ لَكَانُوا يَنْقُلُونَهُ وَيَأْمُرُونَ بِهِ. وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْ مُجَرَّدِ الْمَسِّ الْعَارِي عَنْ شَهْوَةٍ بَلْ تَنَازَعَ الصَّحَابَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَطَائِفَةٌ يَقُولُونَ: الْجِمَاعُ وَيَقُولُونَ: اللَّهُ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يُكَنِّي بِمَا يَشَاءُ عَمَّا شَاءَ. وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ. وَقَدْ تَنَازَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَالْعَرَبُ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْمَوَالِي هَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْجِمَاعُ أَوْ مَا دُونَهُ؟ فَقَالَتْ الْعَرَبُ: هُوَ الْجِمَاعُ. وَقَالَتْ: الْمَوَالِي هُوَ مَا دُونَهُ. وَتَحَاكَمُوا إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَصَوَّبَ الْعَرَبَ وَخَطَّأَ الْمَوَالِيَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: قُبْلَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَمَسُّهَا بِيَدِهِ مِنْ الْمُلَامَسَةِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِكَوْنِهِمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ التَّيَمُّمَ لِلْجُنُبِ؛ فَيَتَأَوَّلَانِ الْآيَةَ عَلَى نَقْضِ الْوُضُوءِ. وَلَكِنْ قَدْ صُرِّحَ فِي الْآيَةِ أَنَّ الْجُنُبَ يَتَيَمَّمُ. وَقَدْ نَاظَرَ أَبُو مُوسَى ابْنَ مَسْعُودٍ بِالْآيَةِ فَلَمْ يُجِبْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ بِشَيْءِ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْضَارِهِ لِمُوجَبِ الْآيَةِ.