الِانْتِصَارِ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِثْلَ مَا نَقَلْت فَلَمَّا كَانَ فِي الْمَجْلِسِ الثَّالِثِ: أَعَادَ ابْنُ الْوَكِيلِ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ لِصَدْرِ الدِّينِ بْنِ الْوَكِيلِ: قَدْ قُلْت فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: أَنَّهُ مَنْ قَالَ إنَّ حَرْفًا مِنْ الْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ، فَأَعَادَهُ مِرَارًا فَغَضِبَ هُنَا الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ غَضَبًا شَدِيدًا وَرَفَعَ صَوْتَهُ. وَقَالَ: هَذَا يُكَفِّرُ أَصْحَابَنَا الْمُتَكَلِّمِينَ الْأَشْعَرِيَّةَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إنَّ حُرُوفَ الْقُرْآنِ مَخْلُوقَةٌ مِثْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِ وَمَا نَصْبِرُ عَلَى تَكْفِيرِ أَصْحَابِنَا. فَأَنْكَرَ ابْنُ الْوَكِيلِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ. وَقَالَ: مَا قُلْت ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قُلْت أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ حَرْفًا مِنْ الْقُرْآنِ فَقَدْ كَفَرَ. فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْحَاضِرُونَ وَقَالُوا: مَا قُلْت إلَّا كَذَا وَكَذَا وَقَالُوا: مَا يَنْبَغِي لَك أَنْ تَقُولَ قَوْلًا وَتَرْجِعَ عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا قَالَ هَذَا. فَلَمَّا حَرَّفُوا: قَالَ مَا سَمِعْنَاهُ قَالَ هَذَا، حَتَّى قَالَ نَائِبُ السُّلْطَانِ: وَاحِدٌ يَكْذِبُ وَآخَرُ يَشْهَدُ وَالشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ مُغْضَبٌ فَالْتَفَتَ إلَى قَاضِي الْقُضَاةِ نَجْمِ الدِّينِ الشَّافِعِيِّ يَسْتَصْرِخُهُ لِلِانْتِصَارِ عَلَى ابْنِ الْوَكِيلِ حَيْثُ كَفَّرَ أَصْحَابَهُ. فَقَالَ الْقَاضِي نَجْمُ الدِّينِ: مَا سَمِعْت هَذَا. فَغَضِبَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ وَقَالَ كَلَامًا لَمْ أَضْبِطْ لَفْظَهُ إلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ: أَنَّ هَذَا غَضَاضَةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَعَارٌ عَلَيْهِمْ أَنَّ أَئِمَّتَهُمْ يُكَفَّرُونَ وَلَا يُنْتَصَرُ لَهُمْ. وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ الشَّيْخِ كَمَالِ الدِّينِ مَا قَالَ فِي حَقِّ الْقَاضِي نَجْمِ الدِّينِ وَاسْتَثْبَتَ غَيْرِي مِمَّنْ حَضَرَ هَلْ سَمِعَ مِنْهُ فِي حَقِّهِ شَيْئًا؟ فَقَالُوا: لَا. لَكِنَّ الْقَاضِيَ اعْتَقَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute