للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَالرَّجُلُ إذَا شَعِثَ رَأْسُهُ وَاتَّسَخَ وَقَمِلَ وَتَوَسَّخَ بَدَنُهُ كَانَ ذَلِكَ مُؤْذِيًا لَهُ وَمُضِرًّا حَتَّى قَدْ جَعَلَ اللَّهُ هَذَا مِمَّا يُبِيحُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَحْلِقَ شَعْرَهُ وَيَفْتَدِيَ. كَمَا قَالَ: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: {أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ لَمَّا مَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ فِي الْإِحْلَالِ وَالْقَمْلُ يَتَهَافَتُ عَلَى رَأْسِهِ} وَقَدْ تَكُونُ إزَالَةُ هَذَا الْأَذَى وَالضَّرَرِ فِي غَيْرِ الْحَمَّامِ إمَّا مُتَعَذِّرَةً أَوْ مُتَعَسِّرَةً. فَالْحَمَّامُ لِمِثْلِ هَذَا مَشْرُوعَةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقَدْ يَكُونُ بِهِ مِنْ الْمَرَضِ مَا يَنْفَعُهُ فِيهِ الْحَمَّامُ وَاسْتِعْمَالُ مِثْلِ ذَلِكَ: إمَّا وَاجِبٌ وَإِمَّا مُسْتَحَبٌّ وَإِمَّا جَائِزٌ. فَإِنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَأَيْضًا فَالْحَمَّامُ قَدْ يُحَلِّلُ عَنْهُ مِنْ الْأَبْخِرَةِ وَالْأَوْسَاخِ وَيُوجِبُ لَهُ مِنْ الرَّاحَةِ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ والمُسْتَحَبَّاتِ وَدُخُولُهَا حِينَئِذٍ بِهَذِهِ النِّيَّةِ يَكُونُ مِنْ جِنْسِ الِاسْتِعَانَةِ بِسَائِرِ مَا يَسْتَرِيحُ بِهِ كَالْمَنَامِ وَالطَّعَامِ. كَمَا قَالَ مُعَاذٌ لِأَبِي مُوسَى: إنِّي أَنَامُ وَأَقُومُ وَأَحْتَسِبُ نُوَمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي. وَنَظَائِرُهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مُتَعَدِّدَةٌ. كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرِهِمَا.