للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقِسْمُ الثَّانِي: إذَا خَلَتْ عَنْ مَحْظُورٍ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْحَارَّةِ فَهُنَا لَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِنَاؤُهَا وَقَدْ بُنِيَتْ الْحَمَّامَاتُ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ فِي الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ عَلَى عَهْدِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرُّوهَا. وَأَحْمَد لَمْ يَقُلْ: إنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَلَكِنْ كَرِهَ ذَلِكَ لِاشْتِمَالِهِ غَالِبًا عَلَى مُبَاحٍ وَمَحْظُورٍ. وَفِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ كَانَ النَّاسُ أَتْقَى لِلَّهِ وَأَرْعَى لِحُدُودِهِ مِنْ أَنْ يَكْثُرَ فِيهَا الْمَحْظُورُ فَلَمْ تَكُنْ مَكْرُوهَةً إذْ ذَاكَ وَإِنْ وَقَعَ فِيهَا أَحْيَانًا مَحْظُورٌ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ وُقُوعِ الْمَحْظُورِ فِيمَا يُبْنَى مِنْ الْأَسْوَاقِ وَالدُّورِ الَّتِي لَمْ يُنْهَ عَنْهَا وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهَا. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: إذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْمَحْظُورِ غَالِبًا: كَغَالِبِ الْحَمَّامَاتِ الَّتِي فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لِأَهْلِ تِلْكَ الْأَمْصَارِ مِنْ الْحَمَّامِ وَلَا بُدَّ فِي الْعَادَةِ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَى مَحْظُورٍ فَهُنَا أَيْضًا لَا تُطْلَقُ كَرَاهَةُ بِنَائِهَا وَبَيْعِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِعِرْضِهِ وَدِينِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُخَالِطَهُ} . إنَّمَا يَقْتَضِي اتِّقَاءَ الشُّبُهَاتِ الَّتِي يَشْتَبِهُ فِيهَا الْحَلَالُ بِالْحَرَامِ بِخِلَافِ