فَالْقَوْلُ بِاسْتِحْبَابِ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ. وَأَمَّا الْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ: فَمُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ. وَالنَّقْلُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ؛ بَلْ الثَّابِتُ عَنْهُ خِلَافُهُ. وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجَلُّ مَنْ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذَا وَالْكَذِبُ عَلَى عَلِيٍّ كَثِيرٌ مَشْهُورٌ: أَكْثَرُ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ. وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعَ سِعَةِ عِلْمِهِ بِآثَارِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا نِزَاعٌ. وَقَالَ أَحْمَد بْنُ الْقَاسِمِ: سَأَلْت أَحْمَد عَمَّنْ صَلَّى أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءِ وَاحِدٍ؟ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ. مَا ظَنَنْت أَنَّ أَحَدًا أَنْكَرَ هَذَا. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ. قُلْت: وَكَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: يُجْزِئُ أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ} وَهَذَا هُوَ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ الْمُفَرِّقَةِ. وَلِهَذَا اسْتَحَبَّ أَحْمَد ذَلِكَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ أَحْيَانًا يُصَلِّي صَلَوَاتٍ بِوُضُوءِ وَاحِدٍ. كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ بريدة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءِ وَاحِدٍ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إنِّي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute