رَأَيْتُك صَنَعْت شَيْئًا لَمْ تَكُنْ صَنَعْته؟ قَالَ: عَمْدًا صَنَعْته يَا عُمَرُ} . وَالْقُرْآنُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَوَضِّئِ أَنْ يَتَوَضَّأَ مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فَقَدْ أَمَرَ مَنْ جَاءَ مِنْ الْغَائِطِ وَلَمْ يَجِدْ الْمَاءَ: أَنْ يَتَيَمَّمَ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَجِيءَ مِنْ الْغَائِطِ يُوجِبُ التَّيَمُّمَ. فَلَوْ كَانَ الْوُضُوءُ وَاجِبًا عَلَى مَنْ جَاءَ مِنْ الْغَائِطِ وَمَنْ لَمْ يَجِئْ فَإِنَّ التَّيَمُّمَ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ. فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفُقَهَاءِ يُوجِبُونَ التَّيَمُّمَ لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَعَلَى هَذَا فَلَا تَأْثِيرَ لِلْمَجِيءِ مِنْ الْغَائِطِ. فَإِنَّهُ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ وَجَبَ الْوُضُوءُ أَوْ التَّيَمُّمُ وَإِنْ لَمْ يَجِئْ مِنْ الْغَائِطِ. وَلَوْ جَاءَ مِنْ الْغَائِطِ وَلَمْ يَقُمْ إلَى الصَّلَاةِ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وُضُوءٌ وَلَا تَيَمُّمٌ فَيَكُونُ ذِكْرُ الْمَجِيءِ مِنْ الْغَائِطِ عَبَثًا عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ. لِأَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ يَكُونُونَ مُحْدِثِينَ فَإِنَّ الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ أَمْرٌ مُعْتَادٌ لَهُمْ وَكُلُّ بَنِي آدَمَ مُحْدِثٌ. وَالْأَصْلُ فِيهِمْ: الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ. فَإِنَّ أَحَدَهُمْ مِنْ حِينِ كَانَ طِفْلًا قَدْ اعْتَادَ ذَلِكَ فَلَا يَزَالُ مُحْدِثًا بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ. فَإِنَّهَا إنَّمَا تَعْرِضُ لَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute