للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَغَيْرُ أَبِي الْخَطَّابِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ غَيْرِهِمَا بِأَنَّ التَّرْتِيبَ إنَّمَا يَجِبُ فِيمَا ذَكَرَ فِي الْقُرْآنِ. وَهُمَا لَيْسَا فِي الْقُرْآنِ. وَأَبُو الْخَطَّابِ - وَمَنْ تَبِعَهُ - رَأَوْا هَذَا فَرْقًا ضَعِيفًا. فَإِنَّ الْأَنْفَ وَالْفَمَ لَوْ لَمْ يَكُونَا مِنْ الْوَجْهِ لَمَا وَجَبَ غَسْلُهُمَا. وَلِهَذَا خَرَّجَ الْأَصْحَابُ: أَنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ. كَمَا قَالَ الخرقي وَغَيْرُهُ " وَالْفَمُ وَالْأَنْفُ مِنْ الْوَجْهِ " وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِهِمَا غَسْلَ الْوَجْهِ. يَبْدَأُ بِغَسْلِ مَا بَطَنَ مِنْهُ. وَقَدَّمَ الْمَضْمَضَةَ لِأَنَّ الْفَمَ أَقْرَبُ إلَى الظَّاهِرِ مِنْ الْأَنْفِ. وَلِهَذَا كَانَ الْأَمْرُ بِهِ أَوْكَدَ. وَجَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِالْأَمْرِ بِهِ. ثُمَّ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْسِلُ سَائِرَ الْوَجْهَ. فَإِذَا قِيلَ بِوُجُوبِهِمَا مَعَ النِّزَاعِ فَهُمَا كَسَائِرِ مَا نُوزِعَ فِيهِ. مِثْلُ الْبَيَاضِ الَّذِي بَيْنَ الْعِذَارِ وَالْأُذُنِ فَمَالِكٌ وَغَيْرُهُ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ الْوَجْهِ. وَفِي النَّزْعَتَيْنِ وَالتَّحْذِيفِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. قِيلَ: هُمَا مِنْ الرَّأْسِ. وَقِيلَ: مِنْ الْوَجْهِ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّ النَّزْعَتَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ وَالتَّحْذِيفُ مِنْ الْوَجْهِ. فَلَوْ نَسِيَ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَا لَوْ نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ. فَتَسْوِيَةُ أَبِي الْخَطَّابِ أَقْوَى.