وَعَلَى هَذَا: فَأَحْمَدُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ نَاسِيًا. وَلِهَذَا قِيلَ لَهُ: نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ وَحْدَهَا؟ فَقَالَ: الِاسْتِنْشَاقُ عِنْدِي أَوْكَدُ. يَعْنِي إذَا نَسِيَ ذَلِكَ وَصَلَّى. قَالَ: يَغْسِلُهُمَا وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ وَالْإِعَادَةُ إذَا تَرَكَ الِاسْتِنْشَاقَ عِنْدَهُ أَوْكَدُ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ. وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ فَإِنَّ جَمِيعَ مَنْ نَقَلَ وُضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرُوا: أَنَّهُ بَدَأَ بِهِمَا. وَهَذَا حَكَى فِعْلًا وَاحِدًا. فَلَا يُمْكِنُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ كَانَ مُتَعَمِّدًا. وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ فِي تَأْخِيرِهِمَا عَمْدًا سُنَّةٌ بَلْ السُّنَّةُ فِي النِّسْيَانِ. فَإِنَّ النِّسْيَانَ مُتَيَقِّنٌ. فَإِنَّ الظَّاهِرَ: أَنَّهُ كَانَ نَاسِيًا إذَا قُدِّرَ الشَّكُّ. فَإِذَا جَازَ مَعَ التَّعَمُّدِ فَمَعَ النِّسْيَانِ أَوْلَى. فَالنَّاسِي مَعْذُورٌ بِكُلِّ حَالٍ. بِخِلَافِ الْمُتَعَمِّدِ. وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ. وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَعَمِّدِ لِتَنْكِيسِ الْوُضُوءِ وَبَيْنَ الْمَعْذُورِ بِنِسْيَانِ أَوْ جَهْلٍ. وَهُوَ أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ. وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِأُصُولِ الْمَذْهَبِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَد فِي الصُّورَةِ الَّتِي خَرَّجَ مِنْهَا أَبُو الْخَطَّابِ. فَمِنْ ذَلِكَ: إذَا أَخَلَّ بِالتَّرْتِيبِ بَيْنَ الذَّبْحِ وَالْحَلْقِ. فَإِنَّ الْجَاهِلَ يُعْذَرُ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ. وَأَمَّا الْعَالِمُ الْمُتَعَمِّدُ: فَعَنْهُ رِوَايَتَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute