عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْفُقَهَاءِ وَهُمَا قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَطْهُرُ. وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ: وَلَكِنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُصَلَّى عَلَيْهَا وَلَا يُتَيَمَّمُ بِهَا. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُتَيَمَّمُ بِهَا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: {أَنَّ الْكِلَابَ كَانَتْ تُقْبِلُ وَتُدْبِرُ وَتَبُولُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ} وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً لَوَجَبَ غَسْلُ ذَلِكَ. وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ {أَمَرَهُمْ أَنْ يَصُبُّوا عَلَى بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ} فَإِنَّ هَذَا يَحْصُلُ بِهِ تَعْجِيلُ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ وَهَذَا مَقْصُودٌ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصَبَّ الْمَاءُ فَإِنَّ النَّجَاسَةَ تَبْقَى إلَى أَنْ تَسْتَحِيلَ. وَأَيْضًا فَفِي السُّنَنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَنْظُرْ فِي نَعْلَيْهِ فَإِنْ وَجَدَ بِهَا أَذًى فَلْيُدَلِّكْهُمَا بِالتُّرَابِ فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُمَا طَهُورٌ} وَفِي السُّنَنِ أَيْضًا: {أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَجُرُّ ذَيْلَهَا عَلَى الْمَكَانِ الْقَذِرِ ثُمَّ عَلَى الْمَكَانِ الطَّاهِرِ فَقَالَ: يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ} وَقَدْ نَصَّ أَحْمَد عَلَى الْأَخْذِ بِهَذَا الْحَدِيثِ الثَّانِي وَنَصَّ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ عَلَى الْأَخْذِ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا. فَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute