للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَغَيَّرَ كَمَا قَالَهُ مَنْ قَالَهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ كَمَالِكِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى بْنِ الْقَاضِي أَبِي خَازِمٍ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ الْقَلِيلَ يَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ وَأَمَّا ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْمُنَى وَابْنُ الْمُظَفَّرِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَأَبُو نَصْرٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد فَنَصَرُوا هَذَا أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ كَالرِّوَايَةِ الْمُوَافِقَةِ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْمَحَاسِنِ الروياني وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: وَدِدْت أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ فِي الْمِيَاهِ كَانَ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ وَكَلَامُ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مُوَافِقٌ لِهَذَا الْقَوْلِ فَإِنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْمَاءِ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَغَيَّرَتْ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ بِأَيِّ شَيْءٍ يَنْجُسُ؟ وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ: {الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ} ضَعِيفٌ؟ فَأَجَابَ: بِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ. وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ فَإِذَا ظَهَرَ فِي الْمَاءِ طَعْمُ الدَّمِ أَوْ الْمَيْتَةِ أَوْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ كَانَ الْمُسْتَعْمِلُ لِذَلِكَ مُسْتَعْمِلًا لِهَذِهِ الْخَبَائِثِ وَلَوْ كَانَ الْقِيَاسُ عِنْدَهُ التَّحْرِيمَ مُطْلَقًا لَمْ يَخُصَّ صُورَةَ التَّحْرِيمِ بِاسْتِعْمَالِ النَّجَاسَةِ. وَفِي الْجُمْلَةِ فَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَبَائِثَ الَّتِي هِيَ الدَّمُ وَالْمَيْتَةُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِذَا وَقَعَتْ هَذِهِ فِي الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ وَاسْتُهْلِكَتْ لَمْ يَبْقَ هُنَاكَ دَمٌ وَلَا مَيْتَةٌ وَلَا لَحْمُ خِنْزِيرٍ