أَحَدُهُمَا: أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ الْمَاءِ وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ السَّلَفِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد وَيُذْكَرُ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَهَذَا هُوَ أَصْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَاسَ الْمَاءَ عَلَى الْمَائِعَاتِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَائِعَاتِ تُنَجَّسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهَا بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَد. وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ: هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَد وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَائِعَاتِ الْمَائِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَخَلُّ التَّمْرِ يَلْحَقُ بِالْمَاءِ وَخَلُّ الْعِنَبِ لَا يَلْحَقُ بِهِ. وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الزَّيْتُ كَثِيرًا مِثْلُ أَنْ يَكُونَ قُلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَد فِي كَلْبٍ وَلَغَ فِي زَيْتٍ كَثِيرٍ. فَقَالَ: لَا يُنَجَّسُ. وَإِنْ كَانَ الْمَائِعُ قَلِيلًا انْبَنَى عَلَى النِّزَاعِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ. فَمَنْ قَالَ. إنَّ الْقَلِيلَ لَا يُنَجَّسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ قَالَ: ذَلِكَ فِي الزَّيْتِ وَغَيْرِهِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى الزُّهْرِيُّ لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْفَأْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الدَّوَابِّ. تَمُوتُ فِي سَمْنٍ أَوْ غَيْرِهِ مَنَّ الْأَدْهَانِ فَقَالَ: تُلْقَى وَمَا قَرُبَ مِنْهَا وَيُؤْكَلُ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَ جَامِدًا أَوْ مَائِعًا. وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ فِي صَحِيحِهِ لِمَعْنًى سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute