وَأَمَّا بِنَاءُ ذَلِكَ عَلَى كَوْنِ وُجُودِ الشَّيْءِ عَيْنَ مَاهِيَّتِه أَوْ لَيْسَ عَيْنَ وُجُودِ مَاهِيَّتِهِ فَهُوَ مِنْ الْغَلَطِ الْمُضَافِ إلَى ابْنِ الْخَطِيبِ؛ فَإِنَّا وَإِنْ قُلْنَا إنَّ وُجُودَ الشَّيْءِ عَيْنُ مَاهِيَّتِهِ: لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الِاسْمُ مَقُولًا عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ فَقَطْ؛ كَمَا فِي جَمِيعِ أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ: فَإِنَّ اسْمَ السَّوَادِ مَقُولٌ عَلَى هَذَا السَّوَادِ وَهَذَا السَّوَادُ بِالتَّوَاطُؤِ وَلَيْسَ عَيْنُ هَذَا السَّوَادِ هُوَ عَيْنَ هَذَا السَّوَادِ؛ إذْ الِاسْمُ دَالٌّ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمُطْلَقُ الْكُلِّيُّ؛ لَكِنَّهُ لَا يُوجَدُ مُطْلَقًا بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ إلَّا فِي الذِّهْنِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ نَفْيُ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْخَارِجِ فَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ تَنْتَفِي " الْأَسْمَاءُ الْمُتَوَاطِئَةُ " وَهِيَ جُمْهُورُ الْأَسْمَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي اللُّغَاتِ وَهِيَ " أَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ اللُّغَوِيَّةِ " وَهُوَ الِاسْمُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الشَّيْءِ وَمَا أَشْبَهَهُ - سَوَاءٌ كَانَ اسْمَ عَيْنٍ أَوْ اسْمَ صِفَةٍ جَامِدًا أَوْ مُشْتَقًّا وَسَوَاءٌ كَانَ جِنْسًا مَنْطِقِيًّا أَوْ فِقْهِيًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ. بَلْ اسْمُ الْجِنْسِ فِي اللُّغَةِ تَدْخُلُ فِيهِ الْأَجْنَاسُ وَالْأَصْنَافُ وَالْأَنْوَاعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَكُلُّهَا أَسْمَاءٌ مُتَوَاطِئَةٌ وَأَعْيَانُ مُسَمَّيَاتِهَا فِي الْخَارِجِ مُتَمَيِّزَةٌ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: ثُمَّ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ هَذَا مُعْتَقَدٌ سَلَفِيٌّ جَيِّدٌ (*).
(*) راجع التعليق الموجود أسفل الصفحة ١٩٤ من هذا المجلد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute