للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَسْلَكُ الثَّانِي النَّظَرِيُّ: وَهُوَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: الْقِيَاسُ عَلَى الْبَوْلِ الْمُحَرَّمِ فَنَقُولُ: بَوْلٌ وَرَوْثٌ فَكَانَ نَجِسًا كَسَائِرِ الْأَبْوَالِ فَيَحْتَاجُ هَذَا الْقِيَاسُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ مَنَاطَ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ هُوَ أَنَّهُ بَوْلٌ وَرَوْثٌ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ تَنْبِيهَاتُ النُّصُوصِ مِثْلُ قَوْلِهِ: {اتَّقُوا الْبَوْلَ} وَقَوْلِهِ: {كَانَ بَنُو إسْرَائِيلَ إذَا أَصَابَ ثَوْبُ أَحَدِهِمْ الْبَوْلَ قَرَضَهُ بِالْمِقْرَاضِ} . وَالْمُنَاسَبَةُ أَيْضًا: فَإِنَّ الْبَوْلَ وَالرَّوْثَ مُسْتَخْبَثٌ مُسْتَقْذَرٌ تَعَافُهُ النُّفُوسُ عَلَى حَدٍّ يُوجِبُ الْمُبَايَنَةَ وَهَذَا يُنَاسِبُ التَّحْرِيمَ حَمْلًا لِلنَّاسِ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْأَحْوَالِ وَقَدْ شَهِدَ لَهُ بِالِاعْتِبَارِ تَنَجُّسُ أَرْوَاثِ الْخَبَائِثِ.

الثَّانِي أَنْ نَقُولَ: إذَا فَحَصْنَا وَبَحَثْنَا عَنْ الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ النَّجَاسَاتِ والطهارات؛ وَجَدْنَا مَا اسْتَحَالَ فِي أَبْدَانِ الْحَيَوَانِ عَنْ أَغْذِيَتِهَا فَمَا صَارَ جُزْءًا فَهُوَ طَيِّبُ الْغِذَاءِ وَمَا فُضِّلَ فَهُوَ خَبِيثُهُ وَلِهَذَا يُسَمَّى رَجِيعًا. كَأَنَّهُ أَخَذَ ثُمَّ رَجَعَ أَيْ رَدَّ. فَمَا كَانَ مِنْ الْخَبَائِثِ يَخْرُجُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَسْفَلِ: كَالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ وَالْوَذْي وَالْوَدْيِ فَهُوَ نَجِسٌ. وَمَا خَرَجَ مِنْ الْجَانِبِ الْأَعْلَى: كَالدَّمْعِ وَالرِّيقِ وَالْبُصَاقِ وَالْمُخَاطِ وَنُخَامَةِ الرَّأْسِ فَهُوَ طَاهِرٌ. وَمَا تَرَدَّدَ كَبَلْغَمِ الْمَعِدَةِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ.