وَهَذَا الْفَصْلُ بَيْنَ مَا خَرَجَ مِنْ أَعْلَى الْبَدَنِ وَأَسْفَلِهِ قَدْ جَاءَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ فِي هَذَا الْمَقَامِ الضَّيِّقِ. الَّذِي لَمْ يُفْقَهْ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى زَعَمَ زَاعِمُونَ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ وَابْتِلَاءٌ وَتَمْيِيزٌ بَيْنَ مَنْ يُطِيعُ وَبَيْنَ مَنْ يَعْصِي. وَعِنْدَنَا أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ بِمُفْرَدِهِ حَتَّى يُضَمَّ إلَيْهِ أَشْيَاءُ أُخَرُ فَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا اسْتَحَالَ فِي مَعِدَةِ الْحَيَوَانِ كَالرَّوْثِ وَالْقَيْءِ وَمَا اسْتَحَالَ مِنْ مَعِدَتِهِ كَاللَّبَنِ. وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ: فَهَذِهِ الْأَبْوَالُ وَالْأَرْوَاثُ مِمَّا يَسْتَحِيلُ فِي بَدَنِ الْحَيَوَانِ وَيُنْصَعُ طَيِّبُهُ وَيَخْرُجُ خَبِيثُهُ مِنْ جِهَةِ دُبُرِهِ وَأَسْفَلِهِ وَيَكُونُ نَجِسًا. فَإِنْ فُرِّقَ بِطَيِّبِ لَحْمِ الْمَأْكُولِ وَخُبْثِ لَحْمِ الْمُحَرَّمِ فَيُقَالُ: طَيِّبُ الْحَيَوَانِ وَشَرَفُهُ وَكَرَمُهُ لَا يُوجِبُ طَهَارَةَ رَوْثِهِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا حَرَّمَ لَحْمَهُ كَرَامَةً لَهُ وَشَرَفًا وَمَعَ ذَلِكَ فَبَوْلُهُ أَخْبَثُ الْأَبْوَالِ. أَلَا تَرَى أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إنَّ مُفَارَقَةَ الْحَيَاةِ لَا تُنَجِّسُهُ وَأَنَّ مَا أُبِينَ مِنْهُ وَهُوَ حَيٌّ فَهُوَ طَاهِرٌ أَيْضًا كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ لَحْمُهُ فَلَوْ كَانَ إكْرَامُ الْحَيَوَانِ مُوجِبًا لِطَهَارَةِ رَوْثِهِ لَكَانَ الْإِنْسَانُ فِي ذَلِكَ الْقَدَحِ الْمُعَلَّى. وَهَذَا سِرُّ الْمَسْأَلَةِ وَلُبَابُهَا. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ فِي الدَّرَجَةِ السُّفْلَى مِنْ الِاسْتِخْبَاثِ وَالطَّبَقَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute