للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الْحِلْيَةُ: فَإِنَّمَا أُبِيحَ الذَّهَبُ لِلْأَنْفِ وَرَبْطِ الْأَسْنَانِ؛ لِأَنَّهُ اضْطِرَارٌ وَهُوَ يَسُدُّ الْحَاجَةَ يَقِينًا كَالْأَكْلِ فِي الْمَخْمَصَةِ. وَأَمَّا لُبْسُ الْحَرِيرِ: لِلْحَكَّةِ وَالْجَرَبِ إنْ سَلِمَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْحَرِيرَ وَالذَّهَبَ لَيْسَا مُحَرَّمَيْنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُمَا قَدْ أُبِيحَا لِأَحَدِ صِنْفَيْ الْمُكَلَّفِينَ وَأُبِيحَ لِلصِّنْفِ الْآخَرِ بَعْضُهُمَا وَأُبِيحَ التِّجَارَةُ فِيهِمَا وَإِهْدَاؤُهُمَا لِلْمُشْرِكِينَ. فَعُلِمَ إنَّهُمَا أُبِيحَا لِمُطْلَقِ الْحَاجَةِ وَالْحَاجَةُ إلَى التَّدَاوِي أَقْوَى مِنْ الْحَاجَةِ إلَى تَزَيُّنِ النِّسَاءِ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْ النَّجَاسَاتِ. وَأُبِيحَ أَيْضًا لِحُصُولِ الْمَصْلَحَةِ بِذَلِكَ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ. ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَرِيرِ وَالطَّعَامِ: أَنَّ بَابَ الطَّعَامِ يُخَالِفُ بَابَ اللِّبَاسِ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الطَّعَامِ فِي الْأَبْدَانِ أَشَدُّ مِنْ تَأْثِيرِ اللِّبَاسِ عَلَى مَا قَدْ مَضَى. فَالْمُحَرَّمُ مِنْ الطَّعَامِ لَا يُبَاحُ إلَّا لِلضَّرُورَةِ الَّتِي هِيَ الْمَسْغَبَةُ وَالْمَخْمَصَةُ وَالْمُحَرَّمُ مِنْ اللِّبَاسِ يُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ وَلِلْحَاجَةِ أَيْضًا هَكَذَا جَاءَتْ السُّنَّةُ وَلَا جَمْعَ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّرُورَاتِ وَالْحَاجَاتِ مَعْلُومٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ وَقَدْ حَصَلَ الْجَوَابُ عَنْ كُلِّ مَا يُعَارَضُ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْخَمْرِ أَيُتَدَاوَى بِهَا؟ فَقَالَ: إنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءِ}