فَهَذَا نَصٌّ فِي الْمَنْعِ مِنْ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ رَدًّا عَلَى مَنْ أَبَاحَهُ وَسَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ مِثْلُهَا قِيَاسًا خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ قِيَاسَ الْمُحَرَّمِ مِنْ الطَّعَامِ أَشْبَهُ مِنْ الْغُرَابِ بِالْغُرَابِ؛ بَلْ الْخَمْرُ قَدْ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي بَعْضِ أَيَّامِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ أَبَاحَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ نَوْعِهَا الشُّرْبَ دُونَ الْإِسْكَارِ وَالْمَيْتَةُ وَالدَّمُ بِخِلَافِ ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: الْخَمْرُ قَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هِيَ دَوَاءٌ بِخِلَافِ غَيْرِهَا. وَأَيْضًا فَفِي إبَاحَةِ التَّدَاوِي بِهَا إجَازَةُ اصْطِنَاعِهَا وَاعْتِصَارِهَا وَذَلِكَ دَاعٍ إلَى شُرْبِهَا وَلِذَلِكَ اخْتَصَّتْ بِالْحَدِّ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْمَطَاعِمِ الْخَبِيثَةِ لِقُوَّةِ مَحَبَّةِ الْأَنْفُسِ لَهَا. فَأَقُولُ: أَمَّا قَوْلُك: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هِيَ دَوَاءٌ. فَهُوَ حَقٌّ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ {إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِي حَرَامٍ} ثُمَّ مَاذَا تُرِيدُ بِهَذَا؟ أَتُرِيدُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ فِيهَا قُوَّةً طَبِيعِيَّةً مِنْ السُّخُونَةِ وَغَيْرِهَا؟ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي الْكُفَّارِ وَالْفُسَّاقِ أَنَّهُ يَنْدَفِعُ بِهَا بَعْضُ الْأَدْوَاءِ الْبَارِدَةِ (١). كَسَائِرِ الْقُوَى وَالطَّبَائِعِ الَّتِي أَوْدَعَهَا جَمِيعَ الْأَدْوِيَةِ مِنْ الْأَجْسَامِ. أَمْ تُرِيدُ شَيْئًا آخَرَ؟ فَإِنْ
(١) خرم بالأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute