وَرَوْثَةٍ فَقَالَ: {إنَّهَا رِكْسٌ} إنَّمَا كَانَ لِكَوْنِهَا رَوْثَةَ آدَمِيٍّ وَنَحْوِهِ عَلَى أَنَّهَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ رَوْثَةَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثَةَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا يَعُمُّ الصِّنْفَيْنِ وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الرِّكْسِ لَا يَدُلُّ عَلَى النَّجَاسَةِ لِأَنَّ الرِّكْسَ هُوَ الْمَرْكُوسُ أَيْ الْمَرْدُودُ وَهُوَ مَعْنَى الرَّجِيعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالرَّجِيعِ لَا يَجُوزُ بِحَالِ إمَّا لِنَجَاسَتِهِ وَإِمَّا لِكَوْنِهِ عَلَفُ دَوَابِّ إخْوَانِنَا مِنْ الْجِنِّ.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَهُوَ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّ هَذِهِ الْأَعْيَانَ لَوْ كَانَتْ نَجِسَةً لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَلَيْسَتْ نَجِسَةً وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْيَانَ تَكْثُرُ مُلَابَسَةُ النَّاسِ لَهَا وَمُبَاشَرَتُهُمْ لِكَثِيرِ مِنْهَا خُصُوصًا الْأُمَّةَ الَّتِي بُعِثَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ غَالِبُ أَمْوَالِهِمْ وَلَا يَزَالُونَ يُبَاشِرُونَهَا وَيُبَاشِرُونَ أَمَاكِنَهَا فِي مُقَامِهِمْ وَسَفَرِهِمْ مَعَ كَثْرَةِ الِاحْتِفَاءِ فِيهِمْ حَتَّى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ: تَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشَنُوا وَامْشُوا حُفَاةً وَانْتَعِلُوا. وَمَحَالِبُ الْأَلْبَانِ كَثِيرًا مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ أَبْوَالِهَا وَلَيْسَ ابْتِلَاؤُهُمْ بِهَا بِأَقَلَّ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ فِي أَوَانِيهِمْ فَلَوْ كَانَتْ نَجِسَةً يَجِبُ غَسْلُ الثِّيَابِ وَالْأَبْدَانِ وَالْأَوَانِي مِنْهَا وَعَدَمُ مُخَالَطَتِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ ذَلِكَ وَيَجِبُ تَطْهِيرُ الْأَرْضِ مِمَّا فِيهِ ذَلِكَ إذَا صَلَّى فِيهَا وَالصَّلَاةُ فِيهَا تَكْثُرُ فِي أَسْفَارِهِمْ وَفِي مَرَاحِ أَغْنَامِهِمْ وَيَحْرُمُ شُرْبُ اللَّبَنِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ بَعْرُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute