وَتُغْسَلُ الْيَدُ إذَا أَصَابَهَا الْبَوْلُ أَوْ رُطُوبَةُ الْبَعْرِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ النَّجَاسَةِ لَوَجَبَ أَنْ يُبَيِّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانًا تَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ وَلَوْ بَيَّنَ ذَلِكَ لَنُقِلَ جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ وَعَادَةَ الْقَوْمِ تُوجِبُ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ نَجَاسَتَهَا. وَعَدَمُ ذِكْرِ نَجَاسَتِهَا دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَتِهَا مِنْ جِهَةِ تَقْرِيرِهِ لَهُمْ عَلَى مُبَاشَرَتِهَا وَعَدَمُ النَّهْيِ عَنْهُ وَالتَّقْرِيرِ دَلِيلُ الْإِبَاحَةِ. وَمِنْ وَجْهٍ أَنَّ مِثْلَ هَذَا يَجِبُ بَيَانُهُ بِالْخِطَابِ وَلَا تُحَالُ الْأُمَّةُ فِيهِ عَلَى الرَّأْيِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُصُولِ لَا مِنْ الْفُرُوعِ. وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا سَكَتَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ لَا سِيَّمَا إذَا وَصَلَ بِهَذَا الْوَجْهِ.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَهُوَ الثَّانِيَ عَشَرَ: وَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَعَامَّةَ السَّلَفِ قَدْ اُبْتُلِيَ النَّاسُ فِي أَزْمَانِهِمْ بِأَضْعَافِ مَا اُبْتُلُوا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي كَثْرَةِ وُقُوعِ الْحَوَادِثِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. ثُمَّ الْمَنْقُولُ عَنْهُمْ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: إمَّا الْقَوْلُ بِالطَّهَارَةِ أَوْ عَدَمُ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ مِثْلُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي مُوسَى وَأَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَعَلَى رِجْلَيْهِ أَثَرُ السِّرْقِينِ. وَهَذَا قَدْ عَايَنَ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ بِالْعِرَاقِ وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: إنَّ لِي غَنَمًا تَبْعَرُ فِي مَسْجِدِي وَهَذَا قَدْ عَايَنَ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ بِالْحِجَازِ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute