ثَابِتًا فَيَجِيءُ مَنْ بَعْدَهُمْ فَيُوجِبُهَا. وَمَتَى قَامَ الْمُقْتَضِي لِلتَّحْرِيمِ أَوْ الْوُجُوبِ وَلَمْ يَذْكُرُوا وُجُوبًا وَلَا تَحْرِيمًا كَانَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى عَدَمِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُعْتَمَدَةٌ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ وَهِيَ أَصْلٌ عَظِيمٌ يَنْبَغِي لِلْفَقِيهِ أَنْ يَتَأَمَّلَهَا وَلَا يُغْفَلُ عَنْ غَوْرِهَا؛ لَكِنْ لَا يُسَلَّمُ إلَّا بِعَدَمِ ظُهُورِ الْخِلَافِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ مُحَقَّقٌ بَطَلَتْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ.
الْوَجْهُ الْعَاشِرُ وَهُوَ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْحَقِيقَةِ: أَنَّا نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ الْحُبُوبَ مِنْ الشَّعِيرِ وَالْبَيْضَاءِ وَالذُّرَةِ وَنَحْوِهَا كَانَتْ تُزْرَعُ فِي مَزَارِعِ الْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَنَعْلَمُ أَنَّ الدَّوَابَّ إذَا دَاسَتْ فَلَا بُدَّ أَنْ تَرُوثَ وَتَبُولَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يُنَجِّسُ الْحُبُوبَ لَحُرِّمَتْ مُطْلَقًا أَوْ لَوَجَبَ تَنْجِيسُهَا. وَقَدْ أَسْلَمَتْ الْحِجَازُ وَالْيَمَنُ وَنَجْدُ وَسَائِرُ جَزَائِرِ الْعَرَبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَبُعِثَ إلَيْهِمْ سُعَاتُهُ وَعُمَّالُهُ يَأْخُذُونَ عُشُورَ حُبُوبِهِمْ مِنْ الْحِنْطَةِ وَغَيْرِهَا وَكَانَتْ سَمْرَاءُ الشَّامِ تُجْلَبُ إلَى الْمَدِينَةِ فَيَأْكُلُ مِنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى عَهْدِهِ وَعَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ وَكَانَ يُعْطِي الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقَ شَعِيرٍ مِنْ غَلَّةِ خَيْبَرَ وَكُلُّ هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute