للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُدَاسُ بِالدَّوَابِّ الَّتِي تَرُوثُ وَتَبُولُ عَلَيْهَا فَلَوْ كَانَتْ تَنْجُسُ بِذَلِكَ لَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَى أَقَلِّ الْأَحْوَالِ تَطْهِيرُ الْحَبِّ وَغَسْلُهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَلَا فُعِلَ عَلَى عَهْدِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْكُمْ بِنَجَاسَتِهَا. وَلَا يُقَالُ: هُوَ لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّ ذَلِكَ الْحَبَّ الَّذِي أَكَلَهُ مِمَّا أَصَابَهُ الْبَوْلُ وَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فَصَاحِبُ الْحَبِّ قَدْ تَيَقَّنَ نَجَاسَةَ بَعْضِ حَبِّهِ وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ الطَّاهِرُ بِالنَّجِسِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُ الْجَمِيعِ؛ بَلْ الْوَاجِبُ تَطْهِيرُ الْجَمِيعِ؛ كَمَا إذَا عَلِمَ نَجَاسَةَ بَعْضِ الْبَدَنِ أَوْ الثَّوْبِ أَوْ الْأَرْضِ وَخَفِيَ عَلَيْهِ مَكَانُ النَّجَاسَةِ غَسَلَ مَا يَتَيَقَّنُ بِهِ غَسْلَهَا وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ. ثُمَّ اشْتِبَاهُ الطَّاهِرِ بِالنَّجِسِ نَوْعٌ مِنْ اشْتِبَاهِ الطَّعَامِ الْحَلَالِ بِالْحَرَامِ فَكَيْفَ يُبَاحُ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ؟ فَإِنَّ الْقَائِلَ: إمَّا أَنْ يَقُولَ يَحْرُمُ الْجَمِيعُ وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ بِالتَّحَرِّي فَأَمَّا الْأَكْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا بِلَا تَحَرٍّ فَلَا أَعْرِفُ أَحَدًا جَوَّزَهُ وَإِنَّمَا يُسْتَمْسَكُ بِالْأَصْلِ مَعَ تَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ وَلَا مَحِيصَ عَنْ هَذَا الدَّلِيلِ إلَّا إلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يُقَالَ: بِطَهَارَةِ هَذِهِ الْأَبْوَالِ وَالْأَرْوَاثِ أَوْ أَنْ يُقَالَ: عُفِيَ عَنْهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِلْحَاجَةِ. كَمَا يُعْفَى عَنْ رِيقِ الْكَلْبِ فِي بَدَنِ الصَّيْدِ عَلَى أَحَدِ