أَخْبَرَ تَعَالَى: أَنَّهُ يَكْشِفُ مَا يَدْعُونَ إلَيْهِ؛ وَهِيَ الشِّدَّةُ الَّتِي دَعَوْا إلَيْهَا. وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ: فَلَا بُدَّ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَإِخْلَاصِهِ لَهُ كَمَا أَمَرَهُ إمَّا قِيَامًا بِالْوَاجِبِ فَقَطْ فَيَكُونُ مِنْ الْأَبْرَارِ أَوْ بِالْوَاجِبِ وَالْمُسْتَحَبِّ فَيَكُونُ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ تَرَكَ بَعْضَ مَا أُمِرَ بِهِ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الشِّرْكِ الْأَصْغَرِ الَّذِي يُبْتَلَى بِهِ غَالِبُ الْخَلْقِ: إمَّا شِرْكًا فِي الرُّبُوبِيَّةِ وَإِمَّا شِرْكًا فِي الْأُلُوهِيَّةِ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَدْ يُبْتَلَى فِي أَمَاكِنِ الْجَهْلِ وَزَمَانِهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بِمَا هُوَ مِنْ الشِّرْكِ الْأَكْبَرِ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ. فَالسَّائِلُ مَقْصُودُهُ سُؤَالُهُ وَإِنْ حَصَلَ لَهُ مَا هُوَ مَحْبُوبُ الرَّبِّ مِنْ إنَابَتِهِ إلَيْهِ وَمَحَبَّتِهِ وَتَوْبَتِهِ فَهَذَا بِالْعَرَضِ وَقَدْ يَدُومُ. وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يَدُومُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَحْبُوبُ لِلرَّبِّ هُوَ سُؤَالَهُ مِثْلَ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ التَّوْبَةَ وَالْإِعَانَةَ عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ. فَهُنَا مَطْلُوبُهُ مَحْبُوبٌ لِلرَّبِّ؛ وَلِهَذَا ذَمَّ اللَّهُ مَنْ لَمْ يَطْلُبْ إلَّا الدُّنْيَا فِي قَوْلِهِ: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} . وَأَمَّا الْمُثْنِي: فَنَفْسُ ثَنَائِهِ مَحْبُوبٌ لِلرَّبِّ وَحُصُولُ مَقْصُودِ السَّائِلِ يَحْصُلُ ضِمْنًا وَتَبَعًا فَهَذَا أَرْفَعُ. لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ لِمَنْ يُخْلِصُ إيمَانَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute