للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصَارَ يُحِبُّ اللَّهَ وَيُحِبُّ حَمْدَهُ وَثَنَاءَهُ وَذِكْرَهُ. وَذَلِكَ أَحَبُّ إلَى قَلْبِهِ مِنْ مَطَالِبِ السَّائِلِينَ رِزْقًا وَنَصْرًا. وَأَمَّا مَنْ كَانَ اهْتِمَامُهُ بِهَذَا أَكْثَرَ فَهَذَا يَكُونُ انْتِفَاعُهُ بِالدُّعَاءِ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ جِنْسُ الثَّنَاءِ أَفْضَلَ كَمَا أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ. وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ النَّاسِ لِنَقْصِ حَالِهِ انْتِفَاعُهُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ أَكْمَلُ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ بِحَسَبِ حَالِهِ لَا أَفْضَلُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: بَيَانُ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ مُطْلَقًا عَامًّا. وَلِهَذَا مَا كَانَ مِنْ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ لَمْ يَجِبْ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. وَأَمَّا الثَّنَاءُ كَدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ وَغَيْرِهِ فَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِهِ فَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد إلَى وُجُوبِ الذِّكْرِ الَّذِي هُوَ ثَنَاءٌ كَالِاسْتِفْتَاحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ بَطَّةَ وَغَيْرِهِ وَذُكِرَ هَذَا رِوَايَةً عَنْ أَحْمَد. كَمَا وَجَبَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ التَّسْبِيحُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالتَّسْمِيعُ وَالتَّحْمِيدُ وَتَكْبِيرَةُ الِانْتِقَالِ فَهَذَانِ نَوْعَانِ ظَهَرَ فَضْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. وَأَمَّا النَّوْعُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَهُمَا: فَهُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وَقَوْلِهِ: {إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وَقَوْلِهِ: {لَك سَجَدْت وَلَك عَبَدْت وَبِك آمَنْت وَبِك أَسْلَمْت} وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا