فِي كَثِيرٍ مِنْهَا أَكْثَرُ عُقُولِ الْخَلْقِ وَيَغْلِبُ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتُ أَكْثَرَ الْخَلْقِ لِغَلَبَةِ الشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ عَلَى النُّفُوسِ. وَالْإِنْسَانُ خُلِقَ ظَلُومًا جَهُولًا. فَالْأَصْلُ فِيهِ عَدَمُ الْعِلْمِ وَمَيْلُهُ إلَى مَا يَهْوَاهُ مِنْ الشَّرِّ فَيَحْتَاجُ دَائِمًا إلَى عِلْمٍ مُفَصَّلٍ يَزُولُ بِهِ جَهْلُهُ وَعَدْلٍ فِي مَحَبَّتِهِ وَبُغْضِهِ وَرِضَاهُ وَغَضَبِهِ وَفِعْلِهِ وَتَرْكِهِ وَإِعْطَائِهِ وَمَنْعِهِ وَكُلُّ مَا يَقُولُهُ وَيَعْمَلُهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عَدْلٍ يُنَافِي ظُلْمَهُ فَإِنْ لَمْ يَمُنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْعِلْمِ الْمُفَصَّلِ وَالْعَدْلِ الْمُفَصَّلِ كَانَ فِيهِ مِنْ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ مَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ وَبَيْعَةِ الرِّضْوَانِ: {إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} {وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَعَلَ هَذَا؛ لِيَهْدِيَهُ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا فَإِذَا كَانَ هَذَا حَالُهُ فَكَيْفَ بِحَالِ غَيْرِهِ. وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ قَدْ فُسِّرَ بِالْقُرْآنِ وَالْإِسْلَامِ وَطَرِيقِ الْعُبُودِيَّةِ فَكُلُّ هَذَا حَقٌّ فَهُوَ مَوْصُوفٌ بِهَذَا وَبِغَيْرِهِ فَحَاجَتُهُ إلَى هَذِهِ الْهِدَايَةِ ضَرُورِيَّةٌ فِي سَعَادَتِهِ وَنَجَاتِهِ بِخِلَافِ الْحَاجَةِ إلَى الرِّزْقِ وَالنَّصْرِ فَإِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُهُ فَإِذَا انْقَطَعَ رِزْقُهُ مَاتَ وَالْمَوْتُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْهِدَايَةِ كَانَ سَعِيدًا بَعْدَ الْمَوْتِ وَكَانَ الْمَوْتُ مُوَصِّلًا لَهُ إلَى السَّعَادَةِ الدَّائِمَةِ الْأَبَدِيَّةِ فَيَكُونُ رَحْمَةً فِي حَقِّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute