للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَرِيحٌ لَا يَحْتَمِلُ هَذَا التَّأْوِيلَ فَإِنَّهُ قَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ فَقَالَ فِيهِ: {صَلَّيْت خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمْرَ وَعُثْمَانَ فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بالحمد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا يَذْكُرُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلَا فِي آخِرِهَا} وَهَذَا النَّفْيُ لَا يَجُوزُ إلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ لَمْ يَسْمَعْ مَعَ إمْكَانِ الْجَهْرِ بِلَا سَمَاعٍ. وَاللَّفْظُ الْآخَرُ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: {صَلَّيْت خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَجْهَرُ أَوْ قَالَ: يُصَلِّي بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فَهَذَا نُفِيَ فِيهِ السَّمَاعُ وَلَوْ لَمْ يُرْوَ إلَّا هَذَا اللَّفْظُ لَمْ يَجُزْ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ جَهْرًا وَلَا يَسْمَعُ أَنَسٌ لِوُجُوهِ: أَحَدُهَا: أَنَّ أَنَسًا إنَّمَا رَوَى هَذَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ إذْ لَا غَرَضَ لِلنَّاسِ فِي مَعْرِفَةِ كَوْنِ أَنَسٍ سَمِعَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْ إلَّا لِيَسْتَدِلُّوا بِعَدَمِ سَمَاعِهِ عَلَى عَدَمِ الْمَسْمُوعِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَهُ دَلِيلًا عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَنَسٌ لِيَرْوِيَ شَيْئًا لَا فَائِدَةَ لَهُمْ فِيهِ وَلَا كَانُوا يَرْوُونَ مِثْلَ هَذَا الَّذِي لَا يُفِيدُهُمْ. الثَّانِي: أَنَّ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ صَارَ دَالًّا فِي الْعُرْفِ عَلَى عَدَمِ مَا لَمْ