وَأَمَّا لَفْظُ " دُبُرَ الصَّلَاةِ " فَقَدْ يُرَادُ بِهِ آخِرَ جُزْءٍ مِنْهُ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يَلِي آخِرَ جُزْءٍ مِنْهُ. كَمَا فِي دُبُرِ الْإِنْسَانِ فَإِنَّهُ آخِرُ جُزْءٍ مِنْهُ وَمِثْلُهُ لَفْظُ " الْعَقِبِ " قَدْ يُرَادُ بِهِ الْجُزْءَ الْمُؤَخَّرَ مِنْ الشَّيْءِ كَعَقِبِ الْإِنْسَانِ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَا يَلِي ذَلِكَ. فَالدُّعَاءُ الْمَذْكُورُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ آخِرَ جُزْءٍ مِنْهَا لِيُوَافَقَ بَقِيَّةَ الْأَحَادِيثِ أَوْ يُرَادَ بِهِ مَا يَلِي آخِرَهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ مَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ كَمَا سُمِّيَ ذَلِكَ قَضَاءً لِلصَّلَاةِ وَفَرَاغًا مِنْهَا حَيْثُ لَمْ يَبْقَ إلَّا السَّلَامُ الْمُنَافِي لِلصَّلَاةِ؛ بِحَيْثُ لَوْ فَعَلَهُ عَمْدًا فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَا تَبْطُلُ سَائِرُ الْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يَكُونُ مُطْلَقًا أَوْ مُجْمَلًا. وَبِكُلِّ حَالٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ بِهِ مَا بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ عَامَّةَ الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَرِّعَ سُنَّةً بِلَفْظِ مُجْمَلٍ يُخَالِفُ السُّنَّةَ الْمُتَوَاتِرَةَ بِالْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ. وَالنَّاسُ لَهُمْ فِي هَذِهِ فِيمَا بَعْدَ السَّلَامِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: مِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى قُعُودَ الْإِمَامِ مُسْتَقْبِلَ الْمَأْمُومِ لَا بِذِكْرِ وَلَا دُعَاءٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ وَحُجَّتُهُمْ مَا يُرْوَى عَنْ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَدِيمَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ بَعْدَ السَّلَامِ فَظَنُّوا أَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ قِيَامَهُ مِنْ مَكَانِهِ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ انْصِرَافَهُ مُسْتَقْبِلَ الْمَأْمُومِينَ بِوَجْهِهِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ يُحَصِّلُ هَذَا الْمَقْصُودَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute