وَهَذَا عِبَادَةٌ أَيْضًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُرُورِ لِلَّهِ وَالْبُكَاءِ لَهُ. وَكِلَاهُمَا عِبَادَةٌ لِلَّهِ فَإِنَّ بُكَاءَ الْبَاكِي لِلَّهِ كَاَلَّذِي يَبْكِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ. مِنْ أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ. وَقَدْ رُوِيَ {عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَعَيْنٌ يَخْرُجُ مِنْهَا مِثْلُ رَأْسِ الذُّبَابِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إمَامٌ عَادِلٌ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَى ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةِ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ حَسَبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} . فَذَكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةَ إذْ كُلٌّ مِنْهُمْ كَمَّلَ الْعِبَادَةَ الَّتِي قَامَ بِهَا وَقَدْ صَنَّفَ مُصَنِّفٌ فِي نَعْتِهِمْ سَمَّاهُ (اللُّمْعَةَ فِي أَوْصَافِ السَّبْعَةِ. فَالْإِمَامُ الْعَادِلُ: كَمَّلَ مَا يَجِبُ مِنْ الْإِمَارَةِ وَالشَّابُّ النَّاشِئُ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ كَمَّلَ مَا يَجِبُ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَاَلَّذِي قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ كَمَّلَ عِمَارَةَ الْمَسَاجِدِ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لِقَوْلِهِ: {إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} . وَالْعَفِيفُ: كَمَّلَ الْخَوْفَ مِنْ اللَّهِ وَالْمُتَصَدِّقُ كَمَّلَ الصَّدَقَةَ لِلَّهِ؛ وَالْبَاكِي: كَمَّلَ الْإِخْلَاصَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute