تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ} وَقَالَ فِي قِصَّةِ بلقيس: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} {اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} وَالشَّمْسُ أَعْظَمُ مَا يُرَى فِي عَالَمِ الشَّهَادَةِ وَأَعَمُّهُ نَفْعًا وَتَأْثِيرًا. فَالنَّهْيُ عَنْ السُّجُودِ لَهَا نَهْيٌ عَمَّا هُوَ دُونَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مِنْ الْكَوَاكِبِ وَالْأَشْجَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ لِلْخَالِقِ لَا لِلْمَخْلُوقِ وَإِنْ عَظُمَ قَدْرُهُ؛ بَلْ لِمَنْ خَلَقَهُ. وَهَذَا لِمَنْ يَقْصِدُ عِبَادَتَهُ وَحْدَهُ. كَمَا قَالَ: {إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ} لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِهَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ قَالَ تَعَالَى: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} فَإِنَّهُ قَدْ عَلِمَ سُبْحَانَهُ أَنَّ فِي بَنِي آدَمَ مَنْ يَسْتَكْبِرُ عَنْ السُّجُودِ لَهُ فَقَالَ: الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِمْ " بَلْ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ سَآمَةٌ وَلَا مَلَالَةٌ. بِخِلَافِ الْآدَمِيِّينَ فَوَصَفَهُمْ هُنَا بِالتَّسْبِيحِ لَهُ وَوَصَفَهُمْ بِالتَّسْبِيحِ وَالسُّجُودِ جَمِيعًا فِي قَوْلِهِ: {إنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute