ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ السُّجُودِ الَّذِي سَجَدَهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ هَذِهِ السُّورَةِ لَا سِيَّمَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ. وَالصَّلَاةُ مَفْرُوضَةٌ وَإِتْمَامُهَا مَفْرُوضٌ فَلَا تُقْطَعُ إلَّا بِعَمَلِ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ إتْمَامِهَا فَعُلِمَ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ إتْمَامِهَا بِلَا سُجُودٍ وَلَوْ زَادَ فِي الصَّلَاةِ فِعْلًا مِنْ جِنْسِهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَهُنَا سُجُودُ التِّلَاوَةِ مَشْرُوعٌ فِيهَا. وَعَنْ أَحْمَد فِي وُجُوبِ هَذَا السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ رِوَايَتَانِ: وَالْأَظْهَرُ الْوُجُوبُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لِوُجُوهِ مُتَعَدِّدَةٍ: مِنْهَا أَنَّ نَفْسَ الْأَئِمَّةِ يُؤْمَرُونَ أَنْ يُصَلُّوا كَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ هَكَذَا صَلَّى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: {لَا يَسْجُدُونَ} وَلَمْ يَقُلْ لَا يُصَلُّونَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ مَقْصُودٌ لِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ السُّجُودَ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجَ الصَّلَاةِ فَيَتَنَاوَلُ أَيْضًا الْخُضُوعَ وَالْخُشُوعَ كَمَا مُثِّلَ. فَالْقُرْآنُ مُوجِبٌ لِمُسَمَّى السُّجُودِ الشَّامِلِ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ فَمَا مِنْ سُجُودٍ إلَّا وَالْقُرْآنُ مُوجِبٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا فَهُوَ كَافِرٌ وَلَكِنْ لَا يَجِبُ كُلُّ سُجُودٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ بَلْ هُوَ بِحَسَبِ مَا بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ الْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى تَكْرَارِ السُّجُودِ عِنْدَ تَكْرَارِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute