للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا وَاجِبٌ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِ الصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ بِالسُّجُودِ: فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَإِنَّهَا فَرْضٌ بِالِاتِّفَاقِ وَيَتَنَاوَلُ سُجُودَ الْقُرْآنِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ السُّجُودَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ. فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَا تُلِيَ سَبَبًا لَهُ وَإِلَّا كَانَ أَجْنَبِيًّا. وَالْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ الْأَمْرُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا السُّجُودَ مِنْ السُّجُودِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يَخْرُجُ السُّجُودُ الْمَقْرُونُ بِالْأَمْرِ عَنْ الْأَمْرِ وَهَذَا كَسُجُودِ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ لَمَّا أُمِرُوا. وَهَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ {إذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي. يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ. أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْت بِالسُّجُودِ فَأَبَيْت فَلِي النَّارُ} . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ هَذَا تَرْغِيبًا فِي هَذَا السُّجُودِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا السُّجُودَ مَأْمُورٌ بِهِ كَمَا كَانَ السُّجُودُ لِآدَمَ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا أَمْرٌ وَقَدْ سُنَّ السُّجُودُ عَقِبَهُ فَمَنْ سَجَدَ كَانَ مُتَشَبِّهًا بِالْمَلَائِكَةِ وَمَنْ أَبَى تَشَبَّهَ بإبليس؛ بَلْ هَذَا سُجُودٌ لِلَّهِ فَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ السُّجُودِ لِآدَمَ. وَهَذَا الْحَدِيثُ كَافٍ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْوُجُوبِ وَكَذَلِكَ الْآيَاتُ الَّتِي فِيهَا الْأَمْرُ الْمُقَيَّدُ وَالْأَمْرُ الْمُطْلَقُ أَيْضًا.