للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْجِسْمَ لَا يَخْلُو عَنْ " الْأَعْرَاضِ " الَّتِي هِيَ الصِّفَاتُ (وَالثَّانِيَةُ أَنَّ مَا لَا يَخْلُو عَنْ " الصِّفَاتِ " الَّتِي هِيَ الْأَعْرَاضُ فَهُوَ مُحْدَثٌ لِأَنَّ الصِّفَاتِ الَّتِي هِيَ الْأَعْرَاضُ لَا تَكُونُ إلَّا مُحْدَثَةً وَقَدْ يَفْرِضُونَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الصِّفَاتِ الَّتِي هِيَ الْأَعْرَاضُ كَالْأَكْوَانِ وَمَا لَا يَخْلُو عَنْ جِنْسِ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا تَتَنَاهَى. فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَدْعُ النَّاسَ بِهَا إلَى الْإِقْرَارِ بِالْخَالِقِ وَنُبُوَّةِ أَنْبِيَائِهِ وَلِهَذَا قَدْ اعْتَرَفَ حُذَّاقُ " أَهْلِ الْكَلَامِ " كَالْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ طَرِيقَةَ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ وَلَا سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَذَكَرُوا أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عِنْدَهُمْ. بَلْ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهَا طَرِيقَةٌ بَاطِلَةٌ وَأَنَّ مُقَدِّمَاتِهَا فِيهَا تَفْصِيلٌ وَتَقْسِيمٌ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمُدَّعِي بِهَا مُطْلَقًا. وَلِهَذَا تَجِدُ مَنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا فِي أُصُولِ دِينِهِ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَهُ لَازِمٌ؛ إمَّا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى ضَعْفِهَا، وَيُقَابِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ فَتَتَكَافَأُ عِنْدَهُ الْأَدِلَّةُ أَوْ يُرَجَّحُ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً. كَمَا هُوَ حَالُ طَوَائِفَ مِنْهُمْ. وَإِمَّا أَنْ يُلْتَزَمَ لِأَجْلِهَا لَوَازِمُ مَعْلُومَةُ الْفَسَادِ فِي الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ. كَمَا الْتَزَمَ جَهْمٌ لِأَجْلِهَا فَنَاءَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالْتَزَمَ أَبُو الهذيل لِأَجْلِهَا انْقِطَاعَ حَرَكَاتِ أَهْلِ الْجَنَّةِ. وَالْتَزَمَ قَوْمٌ لِأَجْلِهَا - كَالْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ - أَنَّ الْمَاءَ وَالْهَوَاءَ وَالنَّارَ لَهُ طَعْمٌ وَلَوْنٌ وَرِيحٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَالْتَزَمَ قَوْمٌ لِأَجْلِهَا وَأَجْلِ غَيْرِهَا: أَنَّ جَمِيعَ " الْأَعْرَاضِ " كَالطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَجُوزُ بَقَاؤُهَا بِحَالِ لِأَنَّهُمْ احْتَاجُوا إلَى جَوَابِ النَّقْضِ