الْوَارِدِ عَلَيْهِمْ لَمَّا أَثْبَتُوا الصِّفَاتِ لِلَّهِ مَعَ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ بِصِفَاتِهَا. فَقَالُوا: صِفَاتُ " الْأَجْسَامِ " أَعْرَاضٌ أَيْ أَنَّهَا تَعْرِضُ وَتَزُولُ فَلَا تَبْقَى بِحَالِ بِخِلَافِ صِفَاتِ اللَّهِ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ. وَأَمَّا جُمْهُورُ عُقَلَاءِ بَنِي آدَمَ فَقَالُوا: هَذِهِ مُخَالِفَةٌ لِلْمَعْلُومِ بِالْحِسِّ. وَالْتَزَمَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ لِأَجْلِهَا نَفْيَ صِفَاتِ الرَّبِّ مُطْلَقًا أَوْ نَفْيَ بَعْضِهَا لِأَنَّ الدَّالَّ عِنْدَهُمْ عَلَى حُدُوثِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ هُوَ قِيَامُ الصِّفَاتِ بِهَا وَالدَّلِيلُ يَجِبُ طَرْدُهُ. وَالْتَزَمُوا حُدُوثَ كُلِّ مَوْصُوفٍ بِصِفَةِ قَائِمَةٍ بِهِ وَهُوَ أَيْضًا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالضَّلَالِ. وَلِهَذَا الْتَزَمُوا الْقَوْلَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَإِنْكَارِ رُؤْيَةِ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ وَعُلُوِّهِ عَلَى عَرْشِهِ. إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ اللَّوَازِمِ الَّتِي الْتَزَمَهَا مَنْ طَرَدَ مُقَدِّمَاتِ هَذِهِ الْحُجَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا الْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ أَصْلَ دِينِهِمْ فَهَذِهِ دَاخِلَةٌ فِيمَا سَمَّاهُ هَؤُلَاءِ أُصُولَ الدِّينِ وَلَكِنْ لَيْسَتْ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ. وَأَمَّا الدِّينُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} فَذَاكَ لَهُ أُصُولٌ وَفُرُوعٌ بِحَسَبِهِ. وَإِذَا عُرِفَ أَنَّ مُسَمَّى أُصُولِ الدِّينِ فِي عُرْفِ النَّاطِقِينَ بِهَذَا الِاسْمِ فِيهِ إجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ - لِمَا فِيهِ مِنْ الِاشْتِرَاكِ بِحَسَبِ الْأَوْضَاعِ وَالِاصْطِلَاحَاتِ - تَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي هُوَ عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أُصُولُ الدِّينِ فَهُوَ مَوْرُوثٌ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute