للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. فَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ قِرَاءَتَهُ حَالَ اسْتِمَاعِ إمَامِهِ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ تَرَكَ بِهَا مَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَفَعَلَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ جَازَ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنْ يَحْصُلَ بِفِيهِ شَيْءٌ يُؤْذِيهِ فَيَمْنَعَهُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ مَا نُهِيَ عَنْهُ كَمَا قَدْ يُقَالُ: لِمَنْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ مُحَرَّمَةٍ: لَوْ كُنْت أَخْرَسَ لَكَانَ خَيْرًا لَك وَلَا يُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّا نَحْنُ نُعَذِّبُهُ بِذَلِكَ لَكِنْ يُرَادُ لَوْ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِهَذَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَقَعَ فِي الذَّنْبِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمتلاعنين: {عَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ} وَالْوَاحِدُ مِنْ السَّلَفِ قَدْ يَذْكُرُ مَا فِي الْفِعْلِ مِنْ الْوَعِيدِ وَإِنْ فَعَلَهُ غَيْرُهُ مُتَأَوِّلًا لِقَوْلِ عَائِشَةَ " أَخْبِرِي زَيْدًا أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا أَنْ يَتُوبَ " وَلَيْسَ فِي هَذَا تَلَاعُنٌ بِلَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا بِالنَّارِ وَلَا تَعْذِيبٌ بِعَذَابِ اللَّهِ بَلْ فِيهِ تَمَنَّى أَنْ يُبْتَلَى بِمَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ. وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَذًى لَهُ. وَالْعَالِمُ قَدْ يَذْكُرُ الْوَعِيدَ فِيمَا يَرَاهُ ذَنْبًا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْمُتَأَوِّلَ مَغْفُورٌ لَهُ لَا يَنَالُهُ الْوَعِيدُ. لَكِنْ يَذْكُرُ ذَلِكَ لِيُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مُقْتَضِي لِهَذِهِ الْعُقُوبَةِ عِنْدَهُ فَكَيْفَ وَهُوَ لَمْ يُذْكَرْ إلَّا مَا يَمْنَعُهُ عَمَّا يَرَاهُ ذَنْبًا.