للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: " وَدِدْت أَنَّهُ مُلِئَ فُوهُ سُكْرًا " يَتَنَاوَلُ مَنْ فَعَلَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَمَعَ هَذَا فَمَنْ فَعَلَ الْقِرَاءَةِ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ أَوْ تَرَكَ الْمَأْمُورَ بِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَانَ مُثَابًا عَلَى اجْتِهَادِهِ وَخَطَؤُهُ مَغْفُورٌ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْعَالِمُ يَقُولُ فِي الْفِعْلِ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ وَاجِبٌ أَوْ مُحَرَّمٌ مَا يُنَاسِبُ الْوُجُوبَ وَالتَّحْرِيمَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَمَنَّى أَنْ يَمْلَأَ أَفْوَاهَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَحَدًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رَضْفًا وَلَا تِبْنًا؛ لِأَنَّ أُولَئِكَ عَامَّةُ مَا نُقِلَ عَنْهُمْ مِنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي السِّرِّ وَذَمِّ الذَّامِّينَ لِمَنْ يَقْرَأُ فِي الْجَهْرِ. فَلَمْ يَتَوَارَدْ الذَّمُّ وَالْفِعْلُ وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُمَا تَوَارَدَا مِنْ السَّلَفِ فَهُوَ كَتَوَارُدِهِمَا مِنْ الْخَلَفِ. وَحِينَئِذٍ فَهَذَا يَتَكَلَّمُ بِاجْتِهَادِهِ وَهَذَا بِاجْتِهَادِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِأَعْظَمَ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ لِبَعْضِ أَكَابِرِهِمْ قُدَّامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّك مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِأَعْظَمَ مِمَّا وَقَعَ بَيْنَهُمْ مِنْ التَّأْوِيلِ فِي الْقِتَالِ فِي الْفِتَنِ وَالدُّعَاءِ فِي الْقُنُوتِ بِاللَّعْنِ وَغَيْرِهِ مَعَ مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: {لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ} وَقَوْلِهِ: {إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ} فَإِذَا كَانَ هَذَا الْوَعِيدُ يَنْدَفِعُ عَنْهُمْ بِالتَّأْوِيلِ