للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَتَحَمُّلُ الْإِمَامِ الْقِرَاءَةَ عَنْ الْمَأْمُومِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقْرَأَ فَيَأْتِي هُوَ بِالْكَمَالِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ السُّكُوتِ الَّذِي لَا اسْتِمَاعَ مَعَهُ وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ مُتَيَقَّنٌ مِنْ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْقَارِئَ لِلْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ السَّاكِتِ الَّذِي لَا يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ غَيْرِهِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: " {مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ أَمَا إنِّي لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ} فَكَرَاهَةُ هَذَا الْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَا وَجْهَ لَهُ أَصْلًا وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُسْتَمِعِ فَإِنَّ اسْتِمَاعَهُ يَقُومُ مَقَامَ قِرَاءَتِهِ. وَدَلِيلُ ذَلِكَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ حَالَ الْقِرَاءَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ بِالْإِنْصَاتِ إمَّا أَمْرَ إيجَابٍ وَإِمَّا أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ وَأَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَهُمْ الْقِرَاءَةُ حَالَ الِاسْتِمَاعِ فَلَوْلَا أَنَّ الِاسْتِمَاعَ كَالْقِرَاءَةِ بَلْ وَأَفْضَلَ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِالْإِنْصَاتِ مَنْهِيًّا عَنْ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْأَدْنَى وَيَنْهَى عَنْ الْأَفْضَلِ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عبادة " {فَلَا تَقْرَءُوا بِشَيْءِ مِنْ الْقُرْآنِ إذَا جَهَرْت بِالْقِرَاءَةِ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ} فَإِنَّمَا نَهَاهُمْ عَنْ الْقِرَاءَةِ إذَا جَهَرَ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ: فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْ الْقِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.