للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الْمُفَسَّرُ يُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ. قَالَ: " {تَقْرَءُونَ خَلْفَ إمَامِكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ} يَعْنِي فِي الْجَهْرِ. وَيُبَيِّنُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: {كَانُوا يَقْرَءُونَ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: خَلَطْتُمْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ} فَهَذَا يَكُونُ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ أَوْ فِي صَلَاةِ سِرٍّ رَفَعَ الْمَأْمُومُ فِيهَا صَوْتَهُ حَتَّى سَمِعَهُ الْإِمَامُ وَإِلَّا فَالْمَأْمُومُ الَّذِي يَقْرَأُ سِرًّا فِي نَفْسِهِ لَا يَخْلِطُ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا يَخْلِطُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ؛ بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ الَّذِي يَقْرَأُ حَالَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ فَإِنَّ الْإِمَامَ قَطْعًا يُخْلَطُ عَلَيْهِ حَتَّى إنَّ مِنْ الْمَأْمُومِينَ مَنْ يُعِيدُ الْفَاتِحَةَ مَرَّاتٍ لِأَنَّ صَوْتَ الْإِمَامِ يَشْغَلُهُ قَطْعًا. بَلْ إذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ الْمَأْمُومَ يُخْلَطُ عَلَيْهِ وَيَلْبَسُ وَيُخَالِجُ الْإِمَامَ فَكَيْفَ بِالْإِمَامِ فِي حَالِ جَهْرِهِ مَعَ الْمَأْمُومِ وَالْمَأْمُومُ يَلْبِسُ عَلَى الْمَأْمُومِ حَالَ الْجَهْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَهَرَ وَحْدَهُ كَانَ أَدْنَى حِسٍّ يَلْبِسُ عَلَيْهِ وَيُثْقِلُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَصْوَاتُ هَادِئَةً هُدُوءًا تَامًّا وَإِلَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَلَبِسَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَمْرٌ مَحْسُوسٌ. وَلِهَذَا تَجِدُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ سَمَاعَ الْقَصَائِدِ سَمَاعَ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ يُشَوِّشُونَ بِأَدْنَى حِسٍّ وَيُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يُشَوِّشُ. وَكَذَلِكَ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ بِأَدْنَى حِسٍّ فَكَيْفَ مَنْ يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ قَرَأَ قَارِئٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ عَلَى جَمَاعَةٍ وَهُمْ لَا يُنْصِتُونَ لَهُ بَلْ