وَأَيْضًا فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَهَابِهِ إلَى قُبَاء وَالْعَوَالِي وَأُحُدٍ وَمَجِيءِ أَصْحَابِهِ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ إلَى الْمَدِينَةِ إنَّمَا كَانُوا يَسِيرُونَ فِي عُمْرَانٍ بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ وَالْحَوَائِطِ الَّتِي هِيَ النَّخِيلُ وَتِلْكَ مَوَاضِعُ الْإِقَامَةِ لَا مَوَاضِعُ السَّفَرِ وَالْمُسَافِرُ لَا بُدَّ أَنْ يُسْفِرَ أَيْ يَخْرُجَ إلَى الصَّحْرَاءِ؛ فَإِنَّ لَفْظَ " السَّفَرِ " يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. يُقَالُ: سَفَرَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ وَجْهِهَا إذَا كَشَفَتْهُ. فَإِذَا لَمْ يَبْرُزْ إلَى الصَّحْرَاءِ الَّتِي يَنْكَشِفُ فِيهَا مِنْ بَيْنِ الْمَسَاكِنِ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا قَالَ تَعَالَى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} وَقَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} فَجَعَلَ النَّاسَ قِسْمَيْنِ: أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَالْأَعْرَابَ. وَالْأَعْرَابُ هُمْ أَهْلُ الْعَمُودِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ هُمْ أَهْلُ الْمَدَرِ. فَجَمِيعُ مَنْ كَانَ سَاكِنًا فِي مَدَرٍ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَدِينَةِ سُورٌ يَتَمَيَّزُ بِهِ دَاخِلُهَا مِنْ خَارِجِهَا؛ بَلْ كَانَتْ مَحَالَّ مَحَالَّ. وَتُسَمَّى الْمَحَلَّةُ دَارًا وَالْمَحَلَّةُ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ فِيهَا الْمَسَاكِنُ وَحَوْلَهَا النَّخْلُ وَالْمَقَابِرُ لَيْسَتْ أَبْنِيَةً مُتَّصِلَةً فَبَنُو مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ فِي قَرْيَتِهِمْ حَوَالَيْ دُورِهِمْ: أَمْوَالُهُمْ وَنَخِيلُهُمْ وَبَنُو عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ دَارُهُمْ كَذَلِكَ وَبَنُو مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ كَذَلِكَ وَبَنُو سَالِمٍ كَذَلِكَ وَبَنُو سَاعِدَةَ كَذَلِكَ وَبَنُو الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ كَذَلِكَ وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَذَلِكَ وَبَنُو عَبْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute