للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا وَغَيْرُهُ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ غَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ. وَثَمَّ طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ سَلَكَهَا بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَهِيَ أَنَّ هَذَا التَّحْدِيدَ مَأْثُورٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَة فِي " مُخْتَصَرِ الْمُخْتَصَرِ " عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {يَا أَهْلَ مَكَّةَ لَا تَقْصُرُوا فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ مِنْ مَكَّةَ إلَى عسفان} " وَهَذَا مَا يَعْلَمُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ هُوَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أَفَتَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا حَدَّ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لِأَهْلِ مَكَّةَ دُونَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّتِي هِيَ دَارُ السُّنَّةِ وَالْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ وَدُونَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ؟ وَكَيْفَ يَقُولُ هَذَا وَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْهُ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ صَلَّوْا خَلْفَهُ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَلَمْ يَحُدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ السَّفَرَ بِمَسَافَةٍ لَا بَرِيدٍ وَلَا غَيْرِ بَرِيدٍ وَلَا حَدَّهَا بِزَمَانِ. وَمَالِكٌ قَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ كَقَوْلِ اللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ. قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ أَرْضٌ لَا أَمْيَالَ فِيهَا فَلَا يَقْصُرُونَ فِي أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلثِّقَلِ. قَالَ: وَهَذَا أَحَبُّ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ إلَيَّ. وَقَدْ ذُكِرَ عَنْهُ لَا قَصْرَ إلَّا فِي خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا فَصَاعِدًا. وَرُوِيَ عَنْهُ لَا قَصْرَ إلَّا فِي اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مِيلًا فَصَاعِدًا وَرُوِيَ عَنْهُ: لَا قَصْرَ إلَّا فِي أَرْبَعِينَ مِيلًا فَصَاعِدًا وَرَوَى عَنْهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: