الْحَضْرَمِيُّ - الرَّجُلُ الصَّالِحُ - أَهْلَ الرِّدَّةِ وَلَهُمْ فِي السِّيرَةِ أَخْبَارٌ حِسَانٌ. فَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُوَفِّقُ آخِرَهُمْ لِمَا وَفَّقَ لَهُ أَوَّلَهُمْ إنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ. وَقَدْ حَدَّثَنَا بَعْضُ الْوَفْدِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بِبَعْضِ أَرْضِكُمْ ثُمَّ إنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَفْتَاهُمْ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ صِفَةِ الْمَكَانِ فَقَالَ هُنَالِكَ مَسْجِدٌ مَبْنِيٌّ بِمَدَرٍ وَحَوْلَهُ أَقْوَامٌ كَثِيرُونَ مُقِيمُونَ مُسْتَوْطِنُونَ لَا يَظْعَنُونَ عَنْ الْمَكَانِ: شِتَاءً وَلَا صَيْفًا إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُمْ أَحَدٌ بِقَهْرٍ بَلْ هُمْ وَآبَاؤُهُمْ وَأَجْدَادُهُمْ مُسْتَوْطِنُونَ بِهَذَا الْمَكَانِ كَاسْتِيطَانِ سَائِرِ أَهْلِ الْقُرَى لَكِنَّ بُيُوتَهُمْ لَيْسَتْ مَبْنِيَّةً بِمَدَرٍ إنَّمَا هِيَ مَبْنِيَّةٌ بِجَرِيدِ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ. فَاعْلَمُوا - رَحِمَكُمْ اللَّهُ - أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الصُّورَةِ تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ فَإِنَّ كُلَّ قَوْمٍ كَانُوا مُسْتَوْطِنِينَ بِبِنَاءٍ مُتَقَارِبٍ لَا يَظْعَنُونَ عَنْهُ شِتَاءً وَلَا صَيْفًا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ إذْ كَانَ مَبْنِيًّا بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ: مِنْ مَدَرٍ وَخَشَبٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ جَرِيدٍ أَوْ سَعَفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. فَإِنَّ أَجْزَاءَ الْبِنَاءِ وَمَادَّتَهُ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي ذَلِكَ إنَّمَا الْأَصْلُ أَنْ يَكُونُوا مُسْتَوْطِنِينَ لَيْسُوا كَأَهْلِ الْخِيَامِ وَالْحُلَلِ الَّذِينَ يَنْتَجِعُونَ فِي الْغَالِبِ مَوَاقِعَ الْقَطْرِ وَيَتَنَقَّلُونَ فِي الْبِقَاعِ وَيَنْقُلُونَ بُيُوتَهُمْ مَعَهُمْ إذَا انْتَقَلُوا وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute