للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبِقِصَّةِ أَرْضِكُمْ احْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ: لَا تُقَامُ الْجُمُعَةُ فِي الْقُرَى بِالْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " أَنَّ أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِعَتْ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ جُمُعَةِ الْمَدِينَةِ جُمُعَةٌ بِالْبَحْرَيْنِ بِقَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا جواثى مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ " وَبِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ عَامِلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْبَحْرَيْنِ فَكَتَبَ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ يَسْتَأْذِنُهُ فِي إقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِقُرَى الْبَحْرَيْنِ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ: أَقِيمُوا الْجُمُعَةَ حَيْثُ كُنْتُمْ. وَلَعَلَّ الَّذِينَ قَالُوا لَكُمْ: إنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُقَامُ قَدْ تَقَلَّدُوا قَوْلَ مَنْ يَرَى الْجُمُعَةَ لَا تُقَامُ فِي الْقُرَى أَوْ اعْتَقَدُوا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ فِي الْكُتُبِ الْمُخْتَصَرَةِ " إنَّمَا تُقَامُ بِقَرْيَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِنَاءً مُتَّصِلًا أَوْ مُتَقَارِبًا بِحَيْثُ يَشْمَلُهُ اسْمٌ وَاحِدٌ فَاعْتَقَدُوا أَنَّ الْبِنَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمَدَرِ مِنْ طِينٍ أَوْ كِلْسٍ أَوْ حِجَارَةٍ أَوْ لَبِنٍ وَهَذَا غَلَطٌ مِنْهُمْ بَلْ قَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أُولَئِكَ الْمُسْتَوْطِنِينَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ: قَصَبٍ أَوْ خَشَبٍ وَنَحْوِهِ. وَلِهَذَا فَالْعُلَمَاءُ الْأَئِمَّةُ إنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَ الْأَعْرَابِ أَهْلِ الْعَمْدِ وَبَيْنَ الْمُقِيمِينَ بِأَنَّ أُولَئِكَ يَتَنَقَّلُونَ وَلَا يَسْتَوْطِنُونَ بُقْعَةً بِخِلَافِ الْمُسْتَوْطِنِينَ وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ مِنْ السَّلَفِ يَبْنُونَ لَهُمْ بُيُوتًا مِنْ قَصَبٍ {وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَقَفَ مَسْجِدَهُ بِجَرِيدِ النَّخْلِ حَتَّى كَانَ يَكُفُّ الْمَسْجِدَ