للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ وَتَكُونُ سُنَّةُ الظُّهْرِ سُنَّتَهَا وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ.

أَحَدُهُمَا أَنَّ الْجُمُعَةَ مَخْصُوصَةٌ بِأَحْكَامٍ تُفَارِقُ بِهَا ظُهْرَ كُلِّ يَوْمٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ سُمِّيَتْ ظُهْرًا مَقْصُورَةً فَإِنَّ الْجُمُعَةَ يُشْتَرَطُ لَهَا الْوَقْتُ فَلَا تُقْضَى وَالظُّهْرُ تُقْضَى وَالْجُمُعَةُ يُشْتَرَطُ لَهَا الْعَدَدُ وَالِاسْتِيطَانُ وَإِذْنُ الْإِمَامِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَالظُّهْرُ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُتَلَقَّى أَحْكَامُ الْجُمُعَةِ مِنْ أَحْكَامِ الظُّهْرِ مَعَ اخْتِصَاصِ الْجُمُعَةِ بِأَحْكَامٍ تُفَارِقُ بِهَا الظُّهْرَ فَإِنَّهُ إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ تُشَارِكُ الظُّهْرَ فِي حُكْمٍ وَتُفَارِقُهَا فِي حُكْمٍ لَمْ يُمْكِنْ إلْحَاقُ مَوْرِدِ النِّزَاعِ بِأَحَدِهِمَا إلَّا بِدَلِيلِ فَلَيْسَ جَعْلُ السُّنَّةِ مِنْ مَوَارِدِ الِاشْتِرَاكِ بِأَوْلَى مِنْ جَعْلِهَا مِنْ مَوَارِدِ الِافْتِرَاقِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُقَالَ: هَبْ أَنَّهَا ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي فِي سَفَرِهِ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْمَقْصُورَةِ لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا وَإِنَّمَا كَانَ يُصَلِّيهَا إذَا أَتَمَّ الظُّهْرَ فَصَلَّى أَرْبَعًا فَإِذَا كَانَتْ سُنَّتُهُ الَّتِي فَعَلَهَا فِي الظُّهْرِ الْمَقْصُورَةِ خِلَافَ التَّامَّةِ كَانَ مَا ذَكَرُوهُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ وَكَانَ السَّبَبُ الْمُقْتَضِي لِحَذْفِ بَعْضِ الْفَرِيضَةِ أَوْلَى بِحَذْفِ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: لَوْ كُنْت مُتَطَوِّعًا لَأَتْمَمْت الْفَرِيضَةَ. فَإِنَّهُ لَوْ اُسْتُحِبَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا لَكَانَتْ صَلَاتُهُ لِلظُّهْرِ أَرْبَعًا أَوْلَى مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فَرْضًا وَرَكْعَتَيْنِ سُنَّةً.