وَهَذَا لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَوَاتِرَةِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي فِي السَّفَرِ إلَّا رَكْعَتَيْنِ: الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ. وَكَذَلِكَ لَمَّا حَجَّ بِالنَّاسِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ بِمِنَى وَغَيْرِهَا إلَّا رَكْعَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ لَمْ يُصَلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ عُمَرُ بَعْدَهُ لَمْ يُصَلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ. وَمَنْ نَقَلَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ أَوْ الْعِشَاءَ فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا فَقَدْ أَخْطَأَ. وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ فِي الْأَصْلِ مَعَ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ التَّحْرِيفِ. فَإِنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ: أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {أَفْطَرْت وَصُمْت؟ وَقَصَرْت وَأَتْمَمْت؟ فَقَالَ: أَصَبْت يَا عَائِشَةُ} " فَهَذَا مَعَ ضَعْفِهِ وَقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ بَاطِلٌ رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ رَوَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُفْطِرُ وَيَصُومُ وَيَقْصُرُ وَيُتِمُّ. فَظَنَّ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْحَدِيثَ فِيهِ أَنَّهَا رَوَتْ الْأَمْرَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ السُّنَّةَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَالْأَئِمَّةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ إلَّا قَوْلًا مَرْجُوحًا لِلشَّافِعِيِّ. وَأَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ يَكْرَهُونَ التَّرْبِيعَ لِلْمُسَافِرِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد فِي أَنَصِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ. ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ التَّرْبِيعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute