فَهَذِهِ الْأُمُورُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهَا أَرْجَحَ مِنْ الْآخَرِ فَمَنْ فَعَلَ الْمَرْجُوحَ فَقَدْ فَعَلَ جَائِزًا. وَقَدْ يَكُونُ فِعْلُ الْمَرْجُوحِ أَرْجَحَ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ كَمَا يَكُونُ تَرْكُ الرَّاجِحِ أَرْجَحَ أَحْيَانًا لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ. وَهَذَا وَاقِعٌ فِي عَامَّةِ الْأَعْمَالِ فَإِنَّ الْعَمَلَ الَّذِي هُوَ فِي جِنْسِهِ أَفْضَلُ قَدْ يَكُونُ فِي مَوَاطِنَ غَيْرِهِ أَفْضَلُ مِنْهُ كَمَا أَنَّ جِنْسَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الْقِرَاءَةِ وَجِنْسَ الْقِرَاءَةِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الذِّكْرِ وَجِنْسَ الذِّكْرِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ. ثُمَّ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَالْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَالذِّكْرُ هُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْهَا وَالدُّعَاءُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ وَقَدْ يَكُونُ الْعَمَلُ الْمَفْضُولُ أَفْضَلَ بِحَسَبِ حَالِ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ؛ لِكَوْنِهِ عَاجِزًا عَنْ الْأَفْضَلِ أَوْ لِكَوْنِ مَحَبَّتِهِ وَرَغْبَتِهِ وَاهْتِمَامِهِ وَانْتِفَاعِهِ بِالْمَفْضُولِ أَكْثَرَ فَيَكُونُ أَفْضَلَ فِي حَقِّهِ لِمَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِنْ مَزِيدِ عَمَلِهِ وَحُبِّهِ وَإِرَادَتِهِ وَانْتِفَاعِهِ كَمَا أَنَّ الْمَرِيضَ يَنْتَفِعُ بِالدَّوَاءِ الَّذِي يَشْتَهِيهِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِمَا لَا يَشْتَهِيهِ وَإِنْ كَانَ جِنْسُ ذَلِكَ أَفْضَلَ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ صَارَ الذِّكْرُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ خَيْرًا مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالْقِرَاءَةُ لِبَعْضِهِمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ خَيْرًا مِنْ الصَّلَاةِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ لِكَمَالِ انْتِفَاعِهِ بِهِ لَا لِأَنَّهُ فِي جِنْسِهِ أَفْضَلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute