للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الْبَابُ " بَابُ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ عَلَى بَعْضٍ " إنْ لَمْ يُعْرَفْ فِيهِ التَّفْضِيلُ وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَتَنَوَّعُ بِتَنَوُّعِ الْأَحْوَالِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَعْمَالِ وَإِلَّا وَقَعَ فِيهَا اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ. فَإِنَّ فِي النَّاسِ مَنْ إذَا اعْتَقَدَ اسْتِحْبَابَ فِعْلٍ وَرُجْحَانَهُ يُحَافِظُ عَلَيْهِ مَا لَا يُحَافِظُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ الْأَمْرُ إلَى الْهَوَى وَالتَّعَصُّبِ وَالْحَمِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا تَجِدُهُ فِيمَنْ يَخْتَارُ بَعْضَ هَذِهِ الْأُمُورِ فَيَرَاهَا شِعَارًا لِمَذْهَبِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ إذَا رَأَى تَرْكَ ذَلِكَ هُوَ الْأَفْضَلَ يُحَافِظُ أَيْضًا عَلَى هَذَا التَّرْكِ أَعْظَمَ مِنْ مُحَافَظَتِهِ عَلَى تَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ الْأَمْرُ إلَى اتِّبَاعِ الْهَوَى وَالْحَمِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا تَجِدُهُ فِيمَنْ يَرَى التَّرْكَ شِعَارًا لِمَذْهَبِهِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ خَطَأٌ. وَالْوَاجِبُ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَيُوَسِّعَ مَا وَسَّعَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَيُؤَلِّفَ مَا أَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَرَسُولُهُ وَيُرَاعِيَ فِي ذَلِكَ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمَقَاصِدِ الشَّرْعِيَّةِ وَيَعْلَمَ أَنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ بَعَثَهُ بِسَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِي كُلِّ أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ وَأَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِنْسَانِ مِنْ التَّفْصِيلِ مَا يَحْفَظُ بِهِ هَذَا الْإِجْمَالَ وَإِلَّا فَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَعْتَقِدُ هَذَا مُجْمَلًا وَيَدَعُهُ عِنْدَ التَّفْصِيلِ: إمَّا جَهْلًا وَإِمَّا ظُلْمًا وَإِمَّا اتِّبَاعًا لِلْهَوَى. فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ