للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْ الْآخَرِ وَلَيْسَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنْ يَتَّفِقَ تَسَاوِي الْكَذِبِ فِيهِ: عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَذِبِ؛ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الرُّوَاةُ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكَذِبِ. وَأَمَّا الْخَطَأُ فَإِنَّهُ مَعَ التَّعَدُّدِ يَضْعُفُ وَلِهَذَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَطْلُبَانِ مَعَ الْمُحَدِّثِ الْوَاحِدِ مَنْ يُوَافِقُهُ خَشْيَةَ الْغَلَطِ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي الْمَرْأَتَيْنِ {أَنْ تَضِلَّ إحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} هَذَا لَوْ كَانَا عَنْ صَاحِبٍ وَاحِدٍ فَكَيْفَ وَهَذَا قَدْ رَوَاهُ عَنْ صَاحِبٍ وَذَلِكَ عَنْ آخَرَ وَفِي لَفْظِ أَحَدِهِمَا زِيَادَةٌ عَلَى لَفْظِ الْآخَرِ فَهَذَا كُلُّهُ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْأَصْلِ مَعْرُوفٌ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَبْ أَنَّهُ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَنْسَخُهُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَد فِي رِوَايَتِهِ وَرَوَاهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ {أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَقْبَلَتْ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ الْمَقَابِرِ فَقُلْت لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَلَيْسَ كَانَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ كَانَ نَهَى عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ثُمَّ أَمَرَ بِزِيَارَتِهَا} . قِيلَ: الْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْخِطَابُ بِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْ النِّسَاءَ فَلَا يَدْخُلْنَ فِي الْحُكْمِ النَّاسِخِ.