يَقْتَضِي الِاسْتِحْبَابَ وَالِاسْتِحْبَابُ إنَّمَا هُوَ ثَابِتٌ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً وَلَكِنَّ عَائِشَةَ بَيَّنَتْ أَنَّ أَمْرَهُ الثَّانِيَ نَسَخَ نَهْيَهُ الْأَوَّلَ فَلَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ وَهُوَ النِّسَاءُ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، وَلَوْ كَانَتْ عَائِشَةُ تَعْتَقِدُ أَنَّ النِّسَاءَ مَأْمُورَاتٍ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ لَكَانَتْ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَمَا يَفْعَلُهُ الرِّجَالُ وَلَمْ تَقُلْ لِأَخِيهَا: لَمَا زُرْتُك. الْجَوَابُ الثَّالِثُ: جَوَابُ مَنْ يَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَهُوَ أَنَّهُمْ قَالُوا: حَدِيثُ اللَّعْنِ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ وَحَدِيثُ الْإِذْنِ يَرْفَعُ التَّحْرِيمَ، وَبَقِيَ أَصْلُ الْكَرَاهَةِ يُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ {أُمِّ عَطِيَّةَ: نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْنَا} . وَالزِّيَارَةُ مِنْ جِنْسِ الِاتِّبَاعِ فَيَكُونُ كِلَاهُمَا مَكْرُوهًا غَيْرَ مُحَرَّمٍ. الْجَوَابُ الرَّابِعُ: جَوَابُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ: كَإِسْحَاقِ بْنِ رَاهَوَيْه فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: اللَّعْنُ قَدْ جَاءَ بِلَفْظِ الزَّوَّارَاتِ وَهُنَّ الْمُكْثِرَاتُ لِلزِّيَارَةِ فَالْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ فِي الدَّهْرِ لَا تَتَنَاوَلُ ذَلِكَ وَلَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ زَائِرَةً وَيَقُولُونَ: عَائِشَةُ زَارَتْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ تَكُنْ زَوَّارَةً. وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالتَّحْرِيمِ: فَيَقُولُونَ قَدْ جَاءَ بِلَفْظِ " الزَّوَّارَاتِ " وَلَفْظُ الزَّوَّارَاتِ قَدْ يَكُونُ لِتَعَدُّدِهِنَّ كَمَا يُقَالُ: فَتَّحْت الْأَبْوَابَ إذْ لِكُلِّ بَابٍ فَتْحٌ يَخُصُّهُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى إذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute