للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْدَ الْجَمْرَةِ كَمَا كَانَ يَخْطُبُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَرَمْيِ الْجَمْرَةِ تَحِيَّةَ مِنَى كَمَا أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. وَمِثْلُ هَذَا مَا قَالَهُ طَائِفَةٌ - مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ - أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ: أَنْ يُصَلِّيَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ كَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ. ثُمَّ يَطُوفُ طَوَافَ الْقُدُومِ أَوْ نَحْوَهُ. وَأَمَّا الْأَئِمَّةُ وَجَمَاهِيرُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَغَيْرِهِمْ: فَعَلَى إنْكَارِ هَذَا. أَمَّا أَوَّلًا: فَلِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ. فَإِنَّهُمْ لَمَّا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ لَمْ يَفْتَتِحُوا إلَّا بِالطَّوَافِ ثُمَّ الصَّلَاةِ عَقِبَ الطَّوَافِ. وَأَمَّا ثَانِيًا: فَلِأَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: هِيَ الطَّوَافُ. كَمَا أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسَاجِدِ هِيَ الصَّلَاةُ. وَأَشْنَعُ مِنْ هَذَا: اسْتِحْبَابُ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لِمَنْ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ السَّعْيِ عَلَى الْمَرْوَةِ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ الطَّوَافِ. وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرُ الطَّوَائِفِ وَرَأَوْا أَنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ ظَاهِرَةُ الْقُبْحِ. فَإِنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاءَهُ طَافُوا وَصَلَّوْا كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ الطَّوَافَ وَالصَّلَاةَ. ثُمَّ سَعَوْا وَلَمْ يُصَلُّوا عَقِبَ السَّعْيِ فَاسْتِحْبَابُ