للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد كَأَبِي الْخَطَّابِ فِي عِبَادَاتِهِ الْخَمْسِ - إلَى أَنَّهُ يَقْصُرُ الْمَكِّيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَأَنَّ الْقَصْرَ هُنَاكَ لِأَجْلِ النُّسُكِ. وَالْحَجَّةُ مَعَ هَؤُلَاءِ: أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنَى مِنْ الْمَكِّيِّينَ أَنْ يُتِمُّوا الصَّلَاةَ كَمَا أَمَرَهُمْ أَنْ يُتِمُّوا لَمَّا كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ بِمَكَّةَ أَيَّامَ فَتْحِ مَكَّةَ حِينَ قَالَ لَهُمْ: {أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ} . فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَكِّيُّونَ قَدْ قَامُوا لَمَّا صَلَّوْا خَلْفَهُ الظُّهْر فَأَتَمُّوهَا أَرْبَعًا ثُمَّ لَمَّا صَلَّوْا الْعَصْرَ قَامُوا فَأَتَمُّوهَا أَرْبَعًا ثُمَّ لَمَّا صَلَّوْا خَلْفَهُ عِشَاءَ الْآخِرَةِ قَامُوا فَأَتَمُّوهَا أَرْبَعًا ثُمَّ كَانُوا مُدَّةَ مُقَامِهِ بِمِنَى يُتِمُّونَ خَلْفَهُ - لَمَا أَهْمَلَ الصَّحَابَةُ نَقْلَ مِثْلِ هَذَا.

وَمِمَّا قَدْ يَغْلَطُ فِيهِ النَّاسُ: اعْتِقَادُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَلَاةُ الْعِيدِ بِمِنَى يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى قَدْ يُصَلِّيهَا بَعْضُ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْفِقْهِ أَخْذًا فِيهَا بالعمومات اللَّفْظِيَّةِ أَوْ الْقِيَاسِيَّةِ. وَهَذِهِ غَفْلَةٌ عَنْ السُّنَّةِ ظَاهِرَةٌ. فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاءَهُ لَمْ يُصَلُّوا بِمُنَى عِيدًا قَطُّ. وَإِنَّمَا صَلَاةُ الْعِيدِ بِمِنَى هِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ. فَرَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِأَهْلِ الْمَوْسِمِ بِمَنْزِلَةِ صَلَاةِ الْعِيدِ لِغَيْرِهِمْ وَلِهَذَا اسْتَحَبَّ أَحْمَد أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَقْتَ النَّحْرِ بِمِنَى. وَلِهَذَا خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ